عملية ترقيع الحكومة

الجمعة، 08 يناير 2010 12:38 ص
عملية ترقيع الحكومة فاروق حسنى
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ الرأى العام ضبط نفسه على موجة التغيير الشامل.. والحكومة قدمت قرباناً من وزير واحد

تغيير شامل أم تغيير محدود؟ محافظون سيصعدون إلى كرسى الوزارة، وآخرون سيغادرون.
تلك كانت الأجواء التى سادت منذ إقالة أو استقالة وزير النقل محمد منصور فى 5 نوفمبر الماضى على خلفية حادث قطار العياط، واستمر الجدل حول التغيير واحتمالاته، وتوجهت أنظار الناس صوب شخصيات بعينها، حول ما إذا كانت ستبقى على كرسيها أم ستغادره، ووضعت من خيالها بدائل ترى فيها أنها الأجدر بالمنصب، وبالتوازى مع خيال الناس نشطت بورصة التكهنات ممن يقدمون أنفسهم على أن لهم اتصالات بدوائر مطلعة، واستخرجت هذه التكهنات شخصيات بوزن الدكتور حسام بدراوى الذى يعد مرشحا دائما لوزارة التعليم أو التربية والتعليم، لكنه الترشيح الذى لا يصيب، والدكتور محمد كمال فى وزارة الثقافة أو الإعلام، والمستشار عدلى حسين وزيرا للتنمية المحلية أو زيرا للعدل.

وكالعادة فى أوقات الحديث عن التغييرات، تتوجه الأنظار إلى المسئولين من وزراء ومحافظين الذين تظهر عندهم مشاكل متعددة، ويتم وضعهم فى نطاق التغيير المتوقع، حدث هذا مثلا مع وزير العدل المستشار ممدوح مرعى الذى واجهته مشكلة إضرابات خبراء وزارة العدل، كما حدث مع محافظ القليوبية المستشار عدلى حسين، الذى واجهته مشكلة مرض التيفود فى قرية البرادعة، بالإضافة إلى الحالة التى سادت وزير الثقافة فاروق حسنى بعد خسارته فى معركة اليونسكو، وعلى إثرها قام معارضوه بتذكيره بوعده الذى أعلنه أثناء فترة دعايته الانتخابية لليونسكو، والذى قال فيه إنه لن يبقى فى الوزارة لو خسر المعركة.

كما دخل فى أحاديث أجواء التغيير، احتمالات أخرى كانت تزيد يوما بعد يوم، بخروج أنس الفقى من وزارة الإعلام على خلفية فشله فى تسييد خطاب إعلامى مصرى ناجح ومؤثر فى حرب غزة، بالإضافة إلى أشياء أخرى جعلت من وزير الإعلام مادة مثيرة فى تكهنات التغيير، ودخل فى هذا الأمر أسماء أخرى مثل الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى، ووزير السياحة زهير جرانة ووزير الإسكان أحمد المغربى وآخرون، والخلاصة أن التوقعات ارتفع سقفها، وبدلا من حصرها فى نطاق التغيير المحدود، اتسعت لتصبح تغييرا شاملا، وهو نوع من التمنى الذى يعبر فى بعض ملامحه عن رغبة نفسية فى التغيير، حتى لو طال بعض الوزراء والمحافظين المشهود لهم بالكفاءة مثل المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية.

تسارعت التوقعات وفقا للمتنبئين بقرب ساعة التغيير، وكالعادة استدعى المتنبئون سيناريوهات مختلفة من قبيل، أن لجنة السياسات هى التى سيكون لها الكلمة العليا فى الأمر، واستنادا لذلك حضرت أسماء مثل الدكتور محمد كمال أحد قياداتها الكبار، وحسام بدراوى أيضا، وفى مقابل هذا السيناريو، جدد المتنبئون حديث الصراع بين الحرس القديم والجديد فى الحزب الوطنى، ووصل هذا السيناريو درجة القول إن الحرس الجديد بقيادة جمال مبارك سيكون له الكلمة العليا، ونسى هؤلاء أن حسم كل ذلك بيد الرئيس مبارك وحده.

وبالتزامن مع كل السيناريوهات السابقة، كانت وسائل الإعلام كعادتها تلتقط كل حركة لوزير أو محافظ، وتتعامل معها بمنطق الدلالات، فإن غاب وزير عن احتفال ما أو مقابلة ما، أو غاب عن مكتبه لأسباب صحية أو عملية، يتم وضعه على الفور فى قائمة التغيير، وكالعادة كان المتنبئون يتلقفون تسريبات يدفع بها بعض الخصوم فى الوزارات والمحافظات، تدور مثلا حول أن الوزير أو المحافظ كان يقوم بجرد مكتبه، أو أنه كان عصبيا مع مساعديه، أو أنه لا يقوم بالتوقيع على قرارات بعينها وفى غياب المعلومة الصحيحة والشفافية الكاملة، كان يتم التقاط مثل هذه الأقوال لنسج قصص خيالية عن أن الوزير الفلانى والمحافظ العلانى فى طريقه إلى توديع وجاهة المنصب، وازدادت التكهنات مع الصمت الذى لف المعنيين بالأمر، وخرجت الصحف بمانشيتات تضع هذا فى مكان وآخر فى مكان ثان، ووصل الأمر بالبعض إلى تحديد ساعات التغيير ووقت حلف اليمين، وعما إذا كانت ستتم فى القاهرة أو شرم الشيخ، والمفارقة أن كل الأسماء السابق الإشارة إليها كانت هى موضع حديث التغيير، واستخدم المتنبئون دلائل مثل: «قالت تقارير رقابية»، وقالت: «أجهزة معنية» وأشياء أخرى يتم استخدامها كدليل قاطع على أن فلانا وعلانا سيتركون منصبهم حتميا.

لكن سكتة قلبية أصابت حديث التغيير، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، أن المقعد الوحيد الشاغر فى الحكومة هو وزير النقل، ومع هذا القول، لم الكل تكهناته ووضعها فى جرابه متراجعا عن توقعاته التى كاد الرأى العام أن يصدقها، كلام نظيف أعاد الكرة إلى منتصف الملعب، وأصاب الرأى العام فى خياله، لكن المتنبئين أعادوا رسم سيناريوهات جديدة، مثل القول بأن التغيير ليس من المنطق أن يكون شاملا، لأن الحكومة بطاقمها من الوزراء والمحافظين، والحزب الوطنى بأعضائه وقياداته، يدخلون عاما جديدا مليئا بالألغام السياسية، وأهمها على الإطلاق انتخابات مجلسى الشورى والشعب، ويتطلب ذلك استعدادا من نوع خاص، عنوانه الاستقرار، والاستقرار يعنى ثبات معظم الطاقم الوزارى فى مواقعه لاستكمال ما تبقى من برنامج الرئيس مبارك الذى أعلنه فى انتخابات الرئاسة الماضية، وطبقا لذلك فإنه ليس من المنطقى أن يتم تغيير وزير يواصل تنفيذ البرنامج فى مجاله الوزارى، أضف إلى هذا أن المحافظين فى محافظاتهم اكتسبوا خبرة التعامل مع نواب البرلمان من جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها القوة المنافسة تقليديا للحزب الوطنى فى الشارع، وأعطت هذه الخبرة زادا للمحافظين يؤهلهم لكيفية إدارة الانتخابات البرلمانية المقبلة، وفقا للسيناريو المعد لها، وهو عدم دخول الجماعة للبرلمان بالشكل الحالى، وربما يعزز من هذه القراءة أن أغلب التغيير الذى حدث فى المحافظين، تم فى المحافظات الحدودية بنسبة ساحقة، كما لا يخفى على العين الهجوم الثقيل الذى شنه بعض المحافظين ضد الإخوان منذ أن بدأ حديث التغيير.

والأمر بهذه القراءة يشير إلى أن التغيير الشامل بين المحافظين قد يكون مؤجلا إلى المرحلة التالية للانتخابات البرلمانية، لكن المثير فى هذه القراءة أن الانتخابات الرئاسية ستأتى بعد الانتخابات البرلمانية، فيما يعنى أن التغيير قد يكتسب جولة جديدة من التأجيل، ومما سبق نقول إن التغيير الذى حدث لم يكن تغييرا، ولم يأت على موجة الرأى العام الذى يضبط نفسه على أمل التغيير الحقيقى، وليس بالترقيع كما حدث.

لمعلوماتك...
23 عاماً مرت على تولى منصب وزير الثقافة حيث تم تعيينه عام 1987 ويعد أقدم وزير فى حكومة الدكتور نظيف
11 مارس 2009 أصدر مبارك قراراً بإجراء تعديل وزارى محدود حيث تم اختيار مشيرة خطاب للسكان ومحمد نصر للرى










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة