القس رفعت فكرى سعيد

مسيح الإنسانية!!

السبت، 09 يناير 2010 07:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يختلف القاصى والدانى على أن السيد المسيح شخصية فريدة متميزة فى كل شىء، ولم لا وهو الكلمة المتجسد، فلقد ولد السيد المسيح من عذراء لم يمسسها بشر دون سائر الناس، كما أنه عاش حياة طاهرة نقية ولم يتلطخ بالأوزار والآثام، فكان معصوما من كل خطأ فى سيرته وسريرته، وصنع معجزات مبهرات من خلق وشفاء وإبراء للأكمه والأبرص وإقامة الموتى،وبتأمل هادئ فى حياة السيد المسيح نجد أنه كان مصلحاً ثورياً حيث إنه وقف ضد كل القوانين البالية التى تنتهك كرامة الإنسان وتصدى لكل الشرائع المتخلفة التى تجعل من الإنسان وسيلة لا هدفاً، وقاوم من حاولوا أن يستغلوا الإنسان باسم الدين وباسم الله.. لقد عاش السيد المسيح فى عصر ساده التطرف الدينى من رجال الدين اليهود ومعلمى الشريعة والناموس، وهؤلاء القوم كان كل قصدهم وجل غايتهم هو تطبيق الشريعة بغض النظر عن مراعاة حقوق الإنسان ووضعها فى الاعتبار، فمثلاً لكى يحافظوا على تطبيق شريعة يوم السبت بعدم العمل كانوا يمنعون أى عمل حتى ولو كان متعلقاً بشفاء مريض، فكان السيد المسيح يكسر شريعة السبت ويشفى المرضى وكان يقول للمتزمتين والمتطرفين إن السبت جُعل لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت .

كما أنهم احتقروا الطفل وازدروا المرأة إلى الدرجة التى فيها كان يقف الرجل اليهودى يومياً وهو يصلى شاكرا الله أنه خلقه رجلا وليس امرأ، فكانت المرأة مبغضة ومرذولة، وكان من حق الرجل أن يطلقها لأتفه الأسباب حتى ولو زاد الملح قليلا فى الطعام!!. المتزمتون والمتطرفون أيام المسيح كانوا يريدون تطهير المجتمع دون أن يفكروا فى تطهير ذواتهم!! كانوا يبغون إصلاح الغير دون أن يفكروا فى الالتفات إلى أنفسهم.. كانوا يريدون أن يخرجوا القذى من عين الآخرين بينما الخشبة تسد عيونهم!!

ولعل أكبر دليل على فسادهم أنهم ذات يوم أمسكوا امرأة زانية وأتوا بها إلى السيد المسيح دون أن يأتوا بالرجل وقالوا له إن هذه المرأة أمسكت وهى تزنى وموسى النبى أوصانا أن مثل هذه ترجم فماذا تقول أنت؟ وتوقعوا من السيد المسيح أن يقوم برجمها كما تقول الشريعة أو أن يطلق سراحها دون عقاب وفى كلتا الحالتين سيصطادونه فى شباكهم فهو إما أنه لم يأت بجديد أو أنه يبيح الفساد والزنى .ولكن السيد المسيح الذى علم مكرهم انحنى إلى الأرض وكتب ثم نظر لكل واحد منهم وهم رجال الدين الأشداء الأقوياء الذين يبغون تطبيق الشريعة وقال لهم قولته الشهيرة الأثيرة من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر وهنا سقطت الحجارة من أيديهم لأن أيديهم كانت تقطر دماً!!

وزاغت نظراتهم لأن عيونهم كانت ممتلئة بالزنى وتركوا أماكنهم لأن الخزى غطى وجوههم فانسحبوا واحداً تلوَ الآخر بدءاً من الشيوخ إلى الآخرين، فالتفت المسيح إلى المرأة التى كانت محطمة من كل وجه أدبياً واجتماعياً ونفسياً، وحرص السيد المسيح ألا يزيدها تحطيماً فقال لها أين هم أولئك المشتكون عليك؟ أما دانك أحد فأجابت لا، قال لها المسيح: ولا أنا أدينك اذهبى ولا تخطئى ثانية.

لقد استطاع السيد المسيح برحمته بالخطأة أن يصلح مسارهم ويغير حياتهم دون أن يريق دماءهم!! لقد اهتم المسيح بالفقراء والبؤساء والضعفاء المهمشين فى المجتمع .ذات يوم صرخ أعمى طالباً من المسيح الشفاء وحاول حواريوه أن يسكتوه ويمنعوه من النداء إلا أن السيد المسيح وقف خصيصاً ليشفيه ويعيد إليه بصره. ذات يوم حاول الأطفال أن يقتربوا منه فمنعهم الكبار ومن يقفون حوله فإذا بالسيد المسيح يقرب الأطفال إليه ويحتضنهم فى حب ويقول للكبار دعوا الأولاد يأتون إلى، ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات .كما أعطى السيد المسيح أولوية للعلاقات الإنسانية الصحيحة، واعتبر أن لها أولوية مطلقة عن إقامة الشعائر الدينية فقال إن ذهبت إلى المذبح لتتعبد وتقدم قرابينك وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك .

لقد أحب السيد المسيح الإنسانية جمعاء وبذل نفسه وحياته لأجلها وفى محبته لم يفرق بين إنسان وآخر لا على أساس دين أو جنس أو مذهب أو لون أو عقيدة . لقد أعطى للمرأة حقوقها وكرامتها فعاملها معاملة مساوية للرجل تماماً ورفض أن يطلقها الرجل لأتفه الأسباب كما كان حادثاً . كما أنه اهتم بالأطفال ولم يحتقرهم أو يرفضهم .كما أنه أشفق على المعاقين وذوى الاحتياجات الخاصة فأعطاهم من حبه ووقته وتحنن عليهم وشفاهم محرراً إياهم من أسقامهم .ما أحوج المؤسسات الدينية اليوم لأن تدرك أن رسالتها الحقيقية ليست هى بناء أماكن العبادة بقدر ماهى بناء الإنسان .وما أحوج المهتمين بإعطاء الأولوية المطلقة لإقامة الشعائر الدينية أن يدركوا أن علاقة الإنسان بأخيه الإنسان لهى أهم عند الله ولها الأولوية عن ممارسة الشعائر، وما أحوج المنادين بتطبيق الشرائع والمتذرعين بها أن يعلموا أن الشرائع وجدت لمصلحة الإنسان وليس العكس فكرامة الإنسان فوق الشعائر و الشرائع بل وفوق حرفية النصوص!!!

* راعى الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف – شبرا مصر








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة