كل من تابع الحرب الأهلية اللبنانية سوف يكتشف التشابه فى نقطة اشتعالها مع ما يحدث فى مصر الآن، ولقد عاصرت الحرب الأهلية اللبنانية منذ بداياتها الأولى عندما كنت أعمل فى الإعلام الموحد التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ومحررا فى وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، والحرب الأهلية اللبنانية، هى تلك الحرب الكريهة التى استمرت ما يزيد عن خمسة عشر عاما وكان من جذور هذه الحرب اللعينة والسبب المباشر فى اشتعالها هو التغير الديموجرافى (السكانى) فى لبنان وإشعال النزاع الدينى الإسلامى / المسيحى، ودخول أطراف غير لبنانية لها مصالح فى لبنان، فتدخلت سوريا من ناحية وتدخلت إسرائيل من ناحية أخرى ويساعد سوريا فى تدخلها فى لبنان قوى أخرى عربية وإيرانية وربما أوروبية فى بعض الأحيان، وعلى الجانب الآخر فقد ساعدت إسرائيل فى تدخلها فى لبنان قوى أخرى أمريكية غالبا وأوروبية أحيانا، وكان لابد لاشتداد هذه الحرب الملعونة من ربطها بالصراع الأساسى مع إسرائيل، فكان لابد من وجود طرف فلسطينى فكانت منظمة التحرير الفلسطينية منغمسة فى هذه الحرب بكل عنفوانها، وكان تعقد الصراع بين كل هذه القوى هو الوقود الحقيقى لهذه الحرب وهو قوة الدفع الحقيقية لاستمرار الحريق فى الاشتعال.
وبنظرة متأنية ومتفحصة لما حدث فى نجع حمادى وربطه بما حدث على حدود مصر/ فلسطين وقتل الجندى المصرى على يد أشاوس حماس سوف يدرك المحاولات الخفية لتعقيد الصراع داخل مصر، فتحالف حماس مع الإخوان المسلمين بدعوى حماية الإسلام والمسلمين فى مصر سوف يجر قوى خارجية أخرى بدعوى دعم وحماية المسيحيين فى مصر، هذه هى البدايات الأولى لدفع المسألة برمتها للتعقيد حتى يزداد الأمر تعقيداً، فتنطلق الشرارة الأولى للحرب الأهلية فى مصر، فطرفا الصراع المحليان (المسلمون والمسيحيون) يحتاجان للطرف الفلسطينى الذى يجب أن يزج به الآن فى هذا التوقيت بالتحديد، بحيث يكون الطرف الفلسطينى متمثلا هذه المرة فى أشاوس حماس، حيث يكون الدفع بها فى الصراع القائم وعلى أى شكل من الأشكال هو أحد الشروط المطلوبة لإشعال الحرب الأهلية فى مصر.
بدأت الحرب الأهلية فى لبنان بمحاولة فاشلة لاغتيال الزعيم المارونى بيار الجميل، قام بها مسلّحون فلسطينيون وأدى إلى مقتل مرافقه جوزيف أبو عاصى، ورداً على هذه الحادثة حصلت حادثة عين الرمانة التى هوجمت فيها إحدى الحافلات المدنية، وكان يتواجد فيها ركاب فلسطينيون مما أدى إلى مصرع سبعة وعشرين شخصا، وما حدث فى نجع حمادى شبيه بما حدث فى بداية الحرب الأهلية اللبنانية، ففى الساعات الأولى من صباح الخميس، بعد قداس عيد الميلاد المجيد، وأثناء خروج بعض المصلين من كنيسة العذراء، مرت السيارة الخاصة وفتح من بداخلها النار من سلاح رشاش آلى على جموع المسيحيين، كانت السيارة الخاصة بها خمسة أفراد، وأخرج راكبوها أربعة رشاشات آلية وأطلقوا النار على الأبرياء الذين يحتفلون بالعيد بشكل عشوائى وبعدها فر المجرمون القتلة هاربين.
وفى صباح يوم الجمعة قام كل من محمد أحمد حسن الكومى وقرشى أبو الحجاج محمد على وهنداوى السيد محمد حسن بتسليم أنفسهم لأجهزة الأمن على أنهم الجناة.
وسوف نتساءل: هل الكومى وقرشى وأبو الحجاج وهنداوى هم الجناة الحقيقيون أم أنهم كانوا مجرد أيدى لصانعى الفتنة لتفجير الحرب الأهلية فى مصر؟
هذه المرة لا يجب أن تتعامل جهات التحقيق فى مصر مع ما حدث، على أنه حادث فردى بل يجب التدقيق جيدا فى التحقيقات للوصول للمحرض الأساسى لهذا العمل ليس دفاعا عن المسيحيين فى مصر، ولكن دفاعا عن كل المصريين ودفاعا عن كل الوطن، وبعد كشف جميع الملابسات وعقاب المجرمين سوف نقدم واجب العزاء لكل المصريين الذين روعتهم هذه الجريمة الخسيسة.
* كاتب وروائى مصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة