قرار حكيم أصدره الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف، أظنه سيعمل كثيراً على تجفيف منابع التوتر الطائفى ويؤكد معنى الوحدة الوطنية، وأعنى به ما أعلنه مؤخراً من التشديد على كافة أئمة المساجد التابعة للوزارة بعدم التعرض للأقباط أو المساس بمعتقداتهم.
لم يلتفت الكثيرون إلى الخطوة المهمة التى اتخذها وزير الأوقاف بنزع أحد أهم أسباب الاحتقان بين شركاء الوطن خلال العقود الأخيرة، فقد كان بعض المتحمسين من الخطباء يهوى تكفير غير المسلمين من على المنبر فى خطبة الجمعة، سواء كان يتناول موضوعاً عقائدياً أم موضوعاً حياتياً فى خطبته
وخطبة الجمعة كما نعرف جميعاً مسموعة لمسافات بعيدة وليست مغلقة على رواد المسجد، ومن ثم كان الحديث عن تكفير غير المسلمين يصل إلى إخواننا الأقباط فى بيوتهم وأعمالهم فيتأذون ويتألمون بصمت، ويتراكم فى نفوسهم بلا شك طبقات من الغضب والاحتقان.
حكى لى صديق مسيحى أنه كان يترك بيته القريب من المسجد عند صلاة الجمعة، رغم أن اليوم هو يوم إجازته الوحيد، لأن أولاده كانوا دائماً ما يسألونه عما يقول الخطيب حول دينهم، فكان يحار فى الرد إلى أن اهتدى إلى كليشيه يسوقه إليهم "لما تكبروا هتفهموا"،ولم يكن هو نفسه يفهم، حسب قوله لماذا لا تكون الموضوعات التى تجمع ولا تفرق هى الموضوعات التى تشغل رجال الدين عموماً عندنا
الوحدة الوطنية هى تميمتنا المشتركة، والحفاظ عليها ليس مسئولية الحكومة وحدها، وإنما هى مسئوليتنا جميعاً نحن شركاء هذا الوطن، ورغم أهمية قرار وزير الأوقاف الحكيم، إلا أن جزءً كبيراً من تفعيل هذا القرار، يقع على عاتقنا، نحن الذين نستقبل إرشادات وتوجيهات رجال الدين، علينا أن نحمل ترمومتراً نقيس به ما نتلقاه ونسمعه، هل ما نتلقاه يجمعنا وشركاءنا فى الوطن أم يفرقنا؟!
وإذا كان الدكتور زقزوق قد شدد على المساجد التابعة لوزارته بعدم المساس بمعتقدات الأقباط، فماذا عن الزوايا والمساجد الصغيرة غير التابعة للوزارة، وهل ينطبق الأمر على دور العبادة لغير المسلمين؟.
قرار وزير الأوقاف الحكيم، أكبر من تعليمات لخطباء المساجد التابعة للوزارة، وإنما يصلح منهجاً للاسترشاد فى جميع المساجد والكنائس أيضاً، وعلينا جميعاً أن نرحب به وأن نقوم باستكماله وتفعيله فى نفوسنا باعتناق مبدأ عدم المساس بعقائد الآخرين، عندها سيصبح قرار وزير الأوقاف بداية عهد جديد من السلام الاجتماعى الحقيقى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة