أمر مثير للغيظ والغضب والتساؤل معاً ،أن تمنح مدينة ليبزج الألمانية ميدالية الإعلام ،الجائزة التى تكافئ الصحفيين على شجاعتهم وتؤكد حرية التعبير، إلى الدنماركى كورت فسترجارد، رسام الصور الكاريكاتورية المسيئة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم".
الجائزة التى ذهبت من قبل للصحفى البريطانى الشهير سيمور هيرش الذى فضح جرائم التعذيب والانتهاكات التى ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكى فى معسكر أبوغريب بالعراق، كيف تذهب إلى شخص عنصرى يحض على كراهية دين الإسلام ، ويمنح العالم أسوأ ما يمكن أن يقدمه صحفى أو كاتب أو فنان ، فرصة لإطلاق نزعات العنف والتدمير ورغبة فى القتل تولدها الكراهية التى زرعها برسومه فى قلوب مئات الملايين من المسلمين الرافضين الطعن فى عقيدتهم أو المساس بنبيهم صلى الله عليه وسلم، وهذا أبسط حقوقهم!
الجائزة التى ذهبت لصاحب الرسوم المسيئة للنبى ، لم تذهب فى الحقيقة لدعم حرية التعبير وإنما لتأكيد توجهات أوربا المتعصبة التى لم تتخلص أبداً من سياستها الاستعمارية والتى تبدو الآن فى أسوأ حالاتها تجاه الأسس التى قامت عليها وصدرتها للعالم، التسامح وحرية التعبير والاعتقاد والمساواة.
أوربا الآن مريضة بالتعصب المقيت وفريسة لكل التوجهات الشمولية والحركات العنصرية والطائفية، ونظرة خاصة إلى الشارع الأوربى نجده قد ازدحم مجدداً بالأحزاب اليمينية والأخويات الفاشية والنازية الداعية لتطهير أوربا من الأجانب الوافدين إليها ، والذين صنعوا لسنوات تنوعها الخلاق وضخوا الدماء فى شرايينها ، كما شاعت ثقافة التمييز فى المجتمعات الأوربية على أساس العرق أو اللون أو الدين
كما انتقل تأثير هذه الأحزاب والأخويات المتطرفة بدرجة أو بأخرى إلى مقاعد السلطة فى بلاد أوربية كبيرة مثل فرنسا التى يسعى فيها ساركوزى إلى طرد الغجر والعرب والأجانب الذين صنعوا أصلاً صيغة المجتمع المتسامح التى ميزت الجمهورية الفرنسية خلال المائة عام الماضية بشعارها: الحرية والإخاء والمساواة .
وإذا كان مرض التعصب وعدم التسامح قد ضرب أوربا وانعكس بالتالى على العالم بأسره ، فلا أقل من مقاومته وكشف تجلياته ، حفاظا على المكتسبات الحضارية التى حققتها الإنسانية بدماء الملايين من ضحايا الحروب والصراعات ، أما أن نكافئ المتعصبين ومثيرى الكراهية ، فذلك الذى يثير الغيظ والغضب والتساؤل معا !