قبل أن تقرأ..
هذا المقال يشبه إلى حد كبير شريط من المسكنات أو المهدئات مضمونة المصدر والمفعول، يمكنك أن تحتفظ به وتعود إليه حينما يرتفع ضغط دمك أو تنهار أعصابك مع علو موجة التزوير والبلطجة فى الإنتخابات القادمة.. إذا هاجمك الإحباط مما سيحدث عد إلى هذه السطور لكى تعرف أن أعصابك أهم مليون مرة من مقاعد هذا البرلمان ومن الذين يجلسون أو سيجلسون عليها.. وصدقنى الاتنين ميفرقوش عن بعض كتير.. المقاعد والجالسين عليها؟!
أجمل مافى الأمر الذى نتحدث عنه هنا.. هو وجود حقيقة ليست فى حاجة إلى مراجعة أو نقاش.. الناس فى مصر تعلم يقينا أن البرلمان الموقر بمبناه ورئيسه وأعضاؤه، المعارض منهم والمستقل والنائم فى حضن الحكومة أشبه "بخيال مأتة" بس على كبير شوية.
هكذا وللمرة الأولى فى مصر يتفق الشعب مع الحكومة فى وصف البرلمان المصرى، ويبدو أن حالة من الرضا قد سيطرت على الطرفين بخصوص هذا الاتفاق، الذى أصبح المواطن يرى أعضاء مجلس الشعب من خلاله مجرد كارت واسطة لتعيين ابنه، أو الحصول على توصية حكومية من أى نوع حتى ولو كانت رقم لوحات مميزة للسيارة، بينما ترى الحكومة الأعضاء الموقرين عبر هذا الإفاق مجرد عرائس ديكور لإستكمال الشكل العام للدولة، التى كان من المفترض أن تكون ديمقراطية.
الغريب فى الأمر أن الأعضاء أنفسهم لم يتوصلوا للحقيقة التى اجتمع عليها الشعب والحكومة، وخاصة السادة النواب الموقرين.. المستقل منهم والحزبى والإخوانى، بعضهم أوهم نفسه بوجود دور رقابى حقيقى وأعجبته صوره فى الصحف و على الفضائيات التى تبحث عن مايشغل هوائها حتى ولو كانت قصة قطة بخمسة أرجل.
المهم ينطلق سيادة النائب ويصنع من الاستجوابات والأسئلة ما يستطيع، بغض النظر عن جدية الأمر وحقيقة المعلومة، متجاهلا حالة الاستهزاء والتراخى والتفاهية، التى تقابل بها الحكومة ومسؤليها حمرة وجه سيادة النائب وهو يصرخ: (ياريس أنا عندى الأوراق كاملة).
فلا يجد سوى ابتسامة سرور الساخرة وكأنها تقول: (ياشيخ اتلهى واقعد مكانك).
لعبة الاستجوابات أصبحت مجالا للمنافسة بين نواب المعارضة، لدرجة أن بعضهم اتهم الأخر بسرقة استجواباته وأسئلته، وفى وسط هذا الصراع غفل السادة النواب العظام عن دورهم الحقيقى، فمرت قوانين الطوارئ، والمعاشات، وتعديلات الدستور وغيرها من القوانين التى يكرهها الشعب، وكان كل رد السادة النواب أن اكتفى بعضهم باعتصام لعدة ساعات، أو رفع لوحة مكتوب عليها كلام مراهقين لمدة دقائق، ثم العودة لممارسة الحياة داخل المجلس بشكل طبيعى، ينحنى أمام الوزير ليحصل على توقيع، ويتودد لأحمد عز كى يتقى شره، ويقتطع أخبار من الصفحات الأولى للصحف ليصنع بها استجوابات تنقله لشاشة الفضائيات بغض النظر عن النتيجة، ويحصل لنفسه وأحيانا لأهل دائرته إن كان ينوى معاودة الترشيح للانتخابات القادمة على ما يشاء من التسهيلات حتى ولو كانت على حساب القانون والوطن، ثم فى آخر الشهر يحصل على مرتب يمكنه إعاشة 10 أسر كاملة رغم أنه يتفاخر بأن عضويته البرلمانية عمل تطوعى.
فتش فى صفحات الحوادث ودفاتر تقييم الأهالى لنواب الدوائر الخاصة بهم، ستجد من قصص التربح الغير المشروع واستغلال نفوذ ووظيفة وإهدار مال عام، ما يمكنك أن تدين به نواب المعارضة قبل نواب الحكومة.. ولكن للأسف يمكنك أن تلتمس العذر لنواب الحكومة لأنهم أعلنوا موقفهم مبكرا بالإنضمام للطرف الفاسد، بينما الآخرون نصبوا أنفسهم أبطال، وقادة لنضال لم ير أحد له أى ثمرة حتى ولو كانت فى حجم الدبوس، أو تكاد تكون غير مرئية أصلا.. من أجل كل ماسبق يا عزيزى القارئ لا تنزعج إذا زوروا وبلطجوا وجاءوا برجالهم أسفل القبة لأن الأمر فى النهاية مجرد صفر كبير على الشمال.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة