كانت القمة العربية الاستثنائية التى عقدت قبل أيام فى سرت الليبية تختتم أعمالها دون أن تطرح أى تصور واضح للمأساة الفلسطينية، وكان نتانياهو يعلن أنه مستعد لوقف تمديد تجميد الاستيطان مقابل الاعتراف بيهودية إسرائيل.
فى القمة العربية أيضا قفزت الأحداث فى السودان إلى الصدارة، فى مقابل تراجع القضية الفلسطينية، وبينما أكدت القمة على وحدة الأراضى السودانية، وفى الوقت نفسه احترام نتيجة الاستفتاء المقبل الذى سينتهى فى الأرجح إلى تقسيم السودان، كانت قيادات الجنوب ترسل إشارات واضحة إلى العالم بأن الدولة المنتظرة فى الجنوب سيكون لها علاقات مع كل دول العالم بما فيها إسرائيل.
مبادرة نتانياهو بتمديد تجميد الاستيطان مقابل الاعتراف بيهودية إسرائيل هو تعبير عن أن إسرائيل هى التى تمتلك زمام طرح المبادرات التى تضع العرب فى خانة الدفاع الدائم عن رفضها لتلك المبادرات، كما أنها تعبير عن أن العجز العربى بلغ بالقضية الفلسطينية درجة اختصارها عند مجرد خلاف حول الاستيطان، أى أنها لم تعد قضية احتلال صهيونى لأرض.
وإذا كان العجز العربى فى التعامل مع القضية الفلسطينية هو هدية عربية دائمة لإسرائيل، فإن دولة الجنوب المنتظرة فى السودان على ما يبدو ستكون هدية جديدة ثمينة يمنحها العرب بكل رضى إلى إسرائيل، والهدية ستتم لغياب إستراتيجية عربية واضحة فى التعامل مع الدولة الجديدة، وهو الغياب الذى تعمل إسرائيل من أجل استمراره حتى تكون الأرض ممهدة لها للتواجد فى الاقتصاد والسياسة وكل مجالات الأنشطة الأخرى.
تعلمنا فى بديهيات الحفاظ على أمن المصرى القومى أن خطر الحاضر يأتى علينا من حدود مصر الشمالية الشرقية، حيث تتواجد إسرائيل فيه، وتعمل دائما فى أوقات الحرب والسلم على زعزعته، لكننا الآن علينا الانتباه إلى أن هناك دولة جديدة ستأتى فى جنوب حدودنا، وصحيح أن هناك جهودا مصرية منذ فترة لتعميق التواجد فيها، وهو التواجد الذى لا يقوم على افتراض أن الدولة الجديدة هى دولة معادية، وإنما دولة لها وضع خاص فى السياسة المصرية، لكن السؤال.. ماذا ستفعل إسرائيل مع هذه الدولة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة