«eat,pray,love» هو واحد من الأفلام التى كنت أنتظر عرضها بمصر بفارغ الصبر ليس لأنه بطولة الجميلة المتألقة جوليا روبرتس وخافيير بارديم فقط ولكن نظرا لشهرة الكتاب المأخوذ عنه الفيلم والذى استضافت أوبرا وينفرى كاتبته إليزابيث جيلبرتا بمفردها مرة ثم بصحبة النجمة جوليا روبرتس مرة أخرى ليتحدثا عن تجربتهما.
الفيلم صاغ له السيناريو والحوار رايان ميرفى، وجينيفر سولت، والإخراج لرايان ميرفى أيضا، وقد أبهرنى الفيلم مثلما بهرتنى الرواية من قبل.
فالفيلم ينتمى للدراما الرومانسية ويبدو فيلما سلسا شديد النعومة والعمق لأنه يضع البعض منا فى حالة مكاشفة مع النفس، وضرورة طرح أسئلة حياتية ومحورية مهمة حول نفسك ومعها أين تقف؟ وكيف ترى نفسك؟ وماعلاقتك بها؟ وهل تحب نفسك أكثر؟ وأيضا يطرح تساؤلات عن نمط الحياة المرفهة العائلية والذى نستسلم له طواعية دون أن نسأل أنفسنا هل نحن سعداء حقا؟ أهذا ما كنا نريد؟
بطلة الفيلم امرأة متزوجة، تعيش حياة مستقرة وسعيدة ولطيفة، كما يبدو للكثيرين من الخارج ولكنها طوال الوقت تشعر بالتعاسة وأنها لا تستمتع بأى شىء فى حياتها، بدءا من الطعام ووصولا لكل التفاصيل الأخرى، فهناك شىء ما يؤرق روحها تبحث عنه أحيانا وتحاول الوصول إليه من خلال صلاتها، فى مشهد من أجمل مشاهد الفيلم للبطلة وهى تخاطب ربها إلى أن تصل إلى قرار بضرورة الانفصال وترك حياتها وراءها وتخسر الاستقرار وكل أموالها بعد الطلاق، وتدخل فى علاقة سريعة مع شاب أصغر منها، كمرحلة انتقالية، وهى علاقة لا تفهمها، وتقرر السفر إلى المجهول وتختار روما كمحطة لاستعادة الإحساس بالمتعة المفقودة فى حياتها. روما حيث البشر الذين يجيدون الاستمتاع والطعام الجيد، واللغة الرنانة التى يتحدث أهلها بأجسامهم أكثر من لسانهم، وهناك تتعلم الكثير، وتكون محطاتها الثانية الهند حيث تبحث عن الطاقة الروحية، واكتشاف ذاتها، وتسأل عن المعلمة أو المرشدة الروحية وهناك تصادف نماذج كثيرة من البشر، وتتعرف إلى مواطنها «ريتشارد» مدمن الخمر، والذى كاد أن يقتل ابنه الذى يبلغ من العمر الثامنة بسيارته لأنه مخمور، ومن المشاهد المهمة التى يرصدها الفيلم فى ذلك الجزء كيفية تطهر البطلة، وانفصالها عن العالم الخارجى، ووصولها إلى درجة التركيز التى تستطيع من خلالها أن تصل إلى أعماق نفسها وترى نفسها جيدا.
وفى رحلتها الثالثة أو محطتها الثالثة تختار «بالى» إندونيسيا والتى صادفت فيها يوما «حكيما عجوزا» قرأ لها الكف ووعدته بالعودة إليه فتذهب إلى بالى وتجلس بجوار الحكيم وتتعلم أن السعادة فى أن تملك القدرة على أن تساعد الآخرين بعد أن تكتشف نفسك وهناك تصادف الحب مع «خافيير بارديم»، المطلق أيضا والذى ترك بلده البرازيل، وجاء إلى بالى ليبحث عن الخلاص الروحى.
الفيلم لا يحمل أى فذلكة، بل هو فيلم شديد الإنسانية والرقى والدفء، يجعلنا نفكر كثيرا ونتساءل عن التغيير الذى نخشاه دوما خوفا من المجهول، والذى قد يكون رحلة مهمة لاكتشاف حقيقة النفس، حتى لو وصل الأمر إلى التدمير فى أحيان أخرى لأنه بعد التدمير يأتى البناء، حسبما ورد على لسان بطلة الفيلم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة