سحر طلعت

المهنة صحفية حوادث

الخميس، 14 أكتوبر 2010 07:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
10 سنوات تقريباً قضيتها فى العمل الصحفى، كمحررة حوادث أتابع بكل حيادية وأمانة يمليهما علىَّ ضميرى، ما يدور بقاعات المحاكم أو بالنيابة العامة أو أقسام الشرطة، دون الإخلال بمواثيق الشرف الصحفى التى عرفناها قديما من عدم نشر أسماء المتهمين إلا رمزا، أو حتى نشر صورهم كبارا أو أطفالا، وبالطبع عدم التعقيب أو التعليق على الأحكام، فماذا أفعل الآن بعد صدور القرار الصادم من المستشار سرى صيام رئيس مجلس القضاء الأعلى - الذى أعتبره أزمة لم يقع فيها محررو الحوادث من قبل ـ بمعاقبة من يذيع تحقيقات النيابة العامة لعدم خضوعها للعلانية، مع حظر تصوير المحاكمات، والاكتفاء برسمها بدلا من تصويرها محملا مسئولية رسم المحاكمة لأصحابها إذا وقع أى خطأ، حماية لحقوق المتهمين وحفاظا لكرامتهم استنادا على أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته.

ليس هذا فحسب وإنما يحظر نشر وقائع التحقيقات فى النيابة العامة لأنه وفقا للقانون لا يجوز إفشاء ما يدور بداخلها من أسرار، وإلا سيتم معاقبة وكلاء النيابة ومساعديهم بموجب المادة 310 من قانون العقوبات، وتجاهل نص قانونى آخر يوجب جعل الجلسات علنية طبقا للمادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية، رغم إعلانى هنا أننى أوافق بالطبع على عدم نشر ما قد يمس بالأمن العام أو كل ما يؤثر على سير القضايا.

ليس تدخلا فى القرارات أو تعقيبا عليها، وإنما تساؤل برىء ماذا يفعل صحفى الحوادث وسط كل تلك القيود، وهل تحولنا فجأة إلى جزارين هدفنا ذبح الأبرياء، ألم يقرأ أحدكم أبدا خبراً نشر بعض الحقائق من صحفى شريف غير مسار الأمور لصالح متهم ما، وأين حق المعرفة الذى كفله الدستور للمواطنين فى متابعة القضايا الكبيرة التى تهم الرأى العام؟، فلا تصوير وقائع جلسات، أو نشر نصوص تحقيقات، فأين السبق الصحفى فى نشر نص التحقيقات الموجودة بالفعل، وأين روح المنافسة فى عرض قضايا فساد زادت وتفشت فى المجتمع مؤخراً؟

أنا بالطبع مع تقنين النشر فى القضايا التى تمس الشرف والأعراض، بل ومعاقبة كل من تسول له نفسه من استخدام قلمه فى فضح أو كتابة تفاصيل وهمية الهدف منها تشويه سمعة الآخرين، وهناك بالفعل أناس عانوا من الظلم والتشهير، ومع صدور أحكام لصالحهم انتهوا إلى سطرين أو مجرد خبر فى زاوية الصفحة، لكن أما كان يجب حصر تلك الوقائع، ووضع مواصفات لكتابة أخبار الحوادث بدلا من الحظر والمنع النهائى؟.

هل سأكتفى وأنا صحفية حوادث بمجرد رصد الأحكام القضائية، بعد أن كنا نتسابق على نشر نصوص التحقيقات، واستعراض أية قضية تهم الشارع المصرى بكل أمانة وصدق ودون تحريف، هل سأكتفى فى مهنتى فقط بنقل خبر حبس فلان أو التجديد لعلان، ألن يهم الناس أن تجد من يقرأ لها ما بين السطور، ويوضح لها بأسلوب مبسط ما يدور فى مجتمع امتلأ بالفساد.

هناك من سيقول "ارحمونا انتوا بتحبوا الفضائح، هو احنا ناقصين"، لكنى سأقول له يا أخى دائما ما تتردد عبارة أن الحوادث مرآة المجتمع، أليس ما ينشر فى الجرائد المحترمة، التى تحترم عقلية القارئ وتحافظ على ميثاق المهنة ومواجهة المشاكل ونشر جميع جوانبها – بما لا يخل بحق المتهم - أفضل من الاكتفاء بإظهار أجزاء منها لن تغنى، هل يعقل أن أظل مكتوفة اليدين وأنا أستطيع من خلال مهنتنى تقديم وجبة معلوماتية للقارئ، كيف سأتعامل فى ظل وجود قانون يهددنى دوما بالحبس بعدم تقديم ما لدى من معلومات قد تنقذ بريئاً، أو تؤدى إلى إيداع آخر بالسجن، نحن يا سادة لسنا جهة تحقيق لكننا أيضا لسنا سعاة بريد أو جهة توصيل الأخبار للمنازل، وإنما صحفيون نعمل فى أكثر الأقسام صعوبة وقسوة، نتعامل مع جميع فئات البشر بداية من قاع المجتمع حتى الصفوة، نحن مرآة وجب تنظيفها دوما لنعبر عن حال المجتمع وما يدور بين جنباته، وعلى المخطئ أن يعاقب وحده بدلاً من أن نعاقب جميعاً.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة