فى الانتخابات الماضية .. الرئاسية منها أو البرلمانية تحدثوا كثيرا بفخر عن مشاركة الأحزاب ومشاركة رؤساء الأحزاب فى أول تجربة انتخابات رئاسية أصبح للمواطن المصرى فيها حق الاختيار من بين متعدد، والآن تعلو نفس النغمة .. نغمة الأحزاب السياسية ودورها فى العملية السياسية والديمقراطية ولكن النغمة هذه المرة تبدو جادة وكأن الأحزاب لها قوة بجد، وكأن الأربعة أو الخمسة وعشرين حزبا سياسيا فى مصر يمكنهم أصلا أن ينافسوا على مقعد فى انتخابات فصل ثالثة أول بمدرسة ابتدائى.. إنها عملية نصب وإيهام جديدة للناس فى الشوارع، وعملية إلحاح حكومية على إقصاء الإخوان وأى تيار تغييرى جاد حتى ولو تم ذلك عن طريق غش الناس وتقديم لهم بضاعة حزبية فاسدة ومضروبة، وشاهد من أهل الحكومة هو الدكتور مفيد شهاب اعترف بذلك حينما قال منذ يومين إنه لا يعرف سوى خمسة أحزاب فقط من بين الأحزاب الموجودة وربما يكون للدكتور مفيد كل الحق إذا استكمل باقى جملة اندهاشه وأخبرنا لماذا تتكلم الدولة إذن عن وجود تجربة حزبية محترمة وأفاق ديمقراطية حقيقية طالما 90% من الأحزاب الموجودة لا يعرفها أهم رجل قانون فى النظام الحاكم، بالإضافة إلى أن الخمسة الذى قال الدكتور إنه يتذكرهم كلنا نعرف حقيقة الأوضاع الداخلية لها سواء كنا نتكلم عن الناصرى أو التجمع أو الجبهة أو العمل أو حتى الوفد .. عموما سأتوقف الآن عن التنظير وأتركك مع دليل واضح وعملى لما يمكن أن تفعله الأحزاب أو تقدمه للبلد والحركة الديمقراطية بناءً على تجربتها السابقة فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية 2005
البند الأكثر كوميدية فى مسألة الأحزاب المصرية هو برامجها، ليس فقط بسبب تشابهها أو عدم واقعيتها ولكن بما تتضمنه من طرائف، وما ينتج عنها من مواقف، بمعنى أنه لو كان أى حزب من هذه الأحزاب يمتلك برنامجا فكريا وسياسيا محترما، لم نكن لنسمع ما سمعناه من رؤسائها الذين شاركوا فى انتخابات الرئاسة الماضية فى 2005 لأن البرامج السياسية المحترمة لا تقول أبدا إن الدولة سيتم بناؤها بعودة عسكرى الدرك أو الطربوش الأحمر التى نادى به الراحل أحمد الصباحى رئيس حزب الأمة، أو العجرودى رئيس حزب الوفاق القومى الذى قال، إنه سيحل مشكلة البطالة بصنارة الصيد أو توزيع 100جنيه على كل مواطن كما أراد أسامة شلتوت رئيس حزب التكافل، أو بقية الأفكار الغريبة التى طرحها رؤساء الأحزاب خلال فترة الانتخابات وتحولت إلى نكت يتدوالها المصريون فى الشوارع.
الغريب والأعجب أن الإطار الفكرى والبرامجى لمعظم هذه الأحزاب يسير فى نفس الفلك، والأغرب أنه الفلك الاشتراكى، فعندك مثلا حزب الأمة هو طبقا لبرنامجه حزب إسلامى اشتراكى هدفه الأول تغيير اسم جمهورية مصر العربية إلى جمهورية مصر العربية الإسلامية، ويطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، ومع ذلك فهو حزب موجود بشكل قانونى، بينما تخشى الحكومة والناس من الإخوان بحجة أنهم حزب دينى سيطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية مع أن حزب الأمة يطالب بتطبيقها حرفيا فى الاقتصاد والسياسة والجانب الاجتماعى أيضا.
حزب مصر العربى الاشتراكى هو أيضا يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية مع إلغاء تراخيص نوادى القمار والملاهى الليلية التى تمثل بؤر فساد لشباب مصر، حزب الشعب الاشتراكى الذى رفع شعار اشتراكية تعاونية ديمقراطية حاجة كده مضروبة فى خلاط..هو أيضا عاوز يطبق الشريعة ويدعو إلى الحفاظ على المكاسب الاشتراكية، وحزب مصر 2000 لا مذهب صريح له ولكنه يميل نحو الاشتراكية ويهدف إلى تنمية القطاع الخاص عبر تشجيع إنتاج ربات البيوت.
أما حزب الوفاق القومى فيميل نحو النظام الاشتراكى ويرفع شعار عبدالناصر، وطبعا الناصرى والتجمع يحافظان على المكاسب الاشتراكية بالفطرة أحيانا والكلام غالبا!
أما حزبا الخضر والاتحادى الديمقراطى فيرفعان شعار اقتصاديات السوق ودور النظام الخاص وسياسة الانفتاح.
عموما اطمئن على الآخر ..لأنك ستجد فى برامج الأحزاب الصغيرة هذه الكثير من الافتكاسات، البعض يريد مجلس النواب وليس مجلس الشعب وآخرون يبحثون عن العودة إلى تجربة الخديوى إسماعيل أو دار للمشورة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة