لا أعرف ياعزيزى إن كنت تعلم من هو هيثم دبور أم لا؟!
لحظة من فضلك.. أنا لا أقصد تلك الشخصية الكاريكاتورية التى قدمها ويقدمها أحمد مكى وحققت نجاحاً باهراً فى "تامر وشوقية".
السؤال هنا يخص "دبور" آخر لا علاقة له بدبور السينما والتليفزيون، وإن كان "دبور" السينما والتليفزيون قد سرق له المؤلفون اسمه من صديقى "هيثم دبور" الأصلى.. وهو أمر لا يثير غضب صديقى أو غيظه، إلا إذا اعترفنا بمدى ملله وضيقه من كثرة الأسئلة الظريفة التى تربط بينه هو "هيثم دبور" الأصلى.. وهيثم دبور بتاع السينما والتليفزيون!
أعرف أن سطور هذه المقدمة السابقة تضم تفاصيل علاقة ملتبسة جداً يا عزيزى، ولكن صدقنى هى مجرد تعبير صريح وواضح على ما قد تفعله لعنة تشابه الأسماء، عموماً دعنى أخبرك عن هيثم دبور الأصلى ولكن بعد هذه الجملة الاعتراضية الواردة بين القوسين (لكل قارئ أو زميل منفسن أعلم تماماً أنك ستتهمنى بمجاملة صديقى، ولذلك دعنى أخبرك أن اتهامك مقبول ولكن صدقنى مجاملتى هذه فى محلها تماماً).. هيثم هو واحد من أبناء جيلى، هذا الجيل الذى تلقبونه بالكتاب الشباب وتتهمونه بعدم النضج والثقافة، رغم أن أدباء هذا الجيل وكتابه وأهل كتابة السيناريو منه هم من ألقوا الكثير من الحجارة فى مياه الإبداع التى كانت ميته قبل ظهورهم.. بالمناسبة هيثم فى الأصل شاعر وله أكثر من ديوان فى السوق ويقابل جمهوره كل خميس وجمعة عبر الصفحة الأخيرة بالمصرى اليوم، ولكن على عكسه وعلى عكس أغلب الناس أنا أحب هيثم الكاتب أفضل من هيثم الشاعر.. وحينما تقرأ كتابه الجديد "المادة 212" ستعرف السر فوراً.
فى السوق الآن كتاب مختلف عليه اسم هيثم دبور، الكتاب بغلاف "بمبى مسخسخ"، وربما يكون لهيثم السبق فى أن أول مؤلف يضع اسمه على كتاب بهذا اللون.. أعرف أن لون الكتاب سيستدعى من ذاكرتك كل ما هو مرتبط بهذا اللون من أفكار خليعة، ولكن دعنى أخبرك أن هذا الكتاب البمبى اللون هو كتاب سياسى ساخر ومختلف يحمل عنوان "المادة 212".
ومثلما جاء لون غلاف هذا الكتاب مختلف جاءت فكرته وطريقة عرضها أكثر اختلافاً، هيثم لم يعتمد على السرد المرتب الذى نراه فى معظم كتبنا ولم يعتمد على تلك التقسيمة التقليدية للكتب وفصولها، فالمادة 212 التى يحمل الكتاب اسمها هو محور الكتاب الرئيسى، وإذا كنت تعلم أن الدستور المصرى يتكون من 211 مادة، فالمادة 212 هى المادة الدستورية التى يرى هيثم دبور أن المشرع المصرى قد تناسها تماماً أو غفل عن ذكرها فى ظل انشغاله بالمواد الأخرى.
كتاب "المادة 212" يبدأ من حيث انتهى المشرع المصرى، ولكنه لا ينسى أن يعيد قراءة الكيفية التى يتعامل بها المصريون مع الدستور المصرى ومواده المختلفة، خصوصا تلك المتعلقة بالحريات والمرتبطة بالحياة العامة.
فى "المادة 212" ستجد تلك القوانين أو المواد الدستورية الشعبية، تلك الاتفاقات الودية التى بناها المصريون ووضعها وجعلوا منها قانوناً عرفياً يحكم تعاملاتهم اليومية، فى هذا الكتاب ستستمتع بإعادة قراءة تلك المواد الخفية التى لم يضمها كتاب ومع ذلك تتفوق تطبيقياً على المواد التى وضعوها فى كتاب وجعلوا منها قانون، فى هذا الكتاب ستجد كل المواد الدستورية التى تحكم علاقة الموظف بمديره، والزوج بحماته، ويفسر لك كيف قرر المصريون أن يجعلوا من كل رجل مصرى تخطى الأربعين أو الخمسين حاجاً حتى وإن كان مسيحياً، ومن كل صاحب لحية شيخاً حتى ولو كان قد تركها تنبت على سبيل الموضة أو قلة فى عدد الأمواس وماكينات الحلاقة.
فى "المادة 212" سيشرح لك هيثم دبور طبيعة علاقة الكاتب بالقارئ وسيخبرك للمرة الأولى عن الدوافع والأسباب التى يمكن أن تدفعك لشراء هذا الكتاب، أما أنا فدعنى أخبرك بالسبب الذى لم يضعه المؤلف ضمن أسباب تشجيعك على قراءة هذا الكتاب.. وهو الاستمتاع.. بين الصفحات المختلفة ستجد الاستمتاع ذلك المعنى الذى فقدناه فى الكتابة بعد أن حولها العديد من الكتاب إلى أداة من أدوات أكل العيش.. ستستمتع بهذا الكتاب لأن هيثم دبور يجيد الكتابة الممتعة مثله مثل الكثيرين من أبناء هذا الجيل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة