خمسة مشاهد قدرية وقاسية حددت مصير محمد أحمد وسطرت أولى خطوات رحلته الطويلة التى انتهت فى إيطاليا ليصبح أول مذيع مصرى يذيع النشرة بالعربية فيها..
المشهد الأول فى الرحلة يظهر فيه مهاجراً من بورسعيد وهو فى العاشرة من عمره أثناء حروب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1970.... المشهد الثانى فى حياته يجلس خلاله داخل طائرة بجواز سفر «مزور»، لاجئاً إلى شقيقه فى الكويت هرباً من قسوة والده...
المشهد الثالث أثناء الحرب بين العراق والكويت وفيه دفعته المفاجأة والإحساس بالضياع وفقدان الأمل إلى الهروب لإيطاليا.
وفى إيطاليا، تابع أحمد بخبراته المتميزة فى المآسى والأزمات التى يتعرض لها العرب عامة والمصريون خاصة، حيث النفوس القلقة الهاربة من قمع السلطات وسطوة الفقر فى بلادها لتتلقفها المافيا الإيطالية بهدف استغلالها فى تسهيل أعمالها فى العالم العربى، فكان المشهد الرابع المأساوى فى حياته وفيه انهارت الصورة الوردية التى كونها عن المجتمع الإيطالى والنجاحات والبطولات المصرية التى كان يسمع عنها مرارا.
قرر أحمد مدفوعاً بصلابة الأزمات والمآسى التى مر بها أن يعيد المهاجر المصرى إلى صورته المشرفة فى الغرب، فدرس الإعلام وفتح أول جريدة باللغة العربية أطلق عليها «العالم الحر»، بعد أن رفض العرب المقيمون بإيطاليا التعاون معه لرصد أوضاعهم البائسة.
وخلال الدراسة، عمل أحمد بعدد من الفنادق تعرف من خلالها على مسؤول بالتليفزيون الإيطالى المحلى كان يدير بعض الأعمال مع العالم العربى فطلب من أحمد القيام بأعمال الترجمة لشركته.
لم ييأس أحمد وبدأ محاولته الثانية للكشف عن حقيقة حياة المهاجرين فى إيطاليا.. وكسبت هذه المحاولة احترام المجتمع الإيطالى، حيث عرض التليفزيون المحلى الإيطالى عليه تقديم برنامج أسبوعى عن المهاجرين تحت عنوان «خاص بالمهاجرين» أو «special emigrate» على القناة التاسعة بالتليفزيون الإيطالى لتأهيل المهاجرين للعمل والاندماج فى المجتمع الإيطالى وإنقاذهم من براثن المافيا. كما عرض عليه تقديم نشرة الأخبار باللغة العربية للمرة الأولى على التليفزيون الإيطالى.
ومن خلال برنامجه عن المهاجرين، استطاع أحمد أن يكون أول صحفى يجرى حوارا مع الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد، وتوالت نجاحاته وأصبح رئيسا لجمعية المهاجرين وعضو الهيئة الاستشارية الإسلامية التابعة لوزارة الداخلية الإيطالية، مما أثار غضب المافيا التى باتت تهدده ليلا ونهارا حتى فخخت سيارته ذات مرة لكنها انفجرت قبل أن يركبها بدقائق، كما تلقى العديد من رسائل ومكالمات التهديد، إلا أنه مضى فى تحقيق حلمه متحدياً تهديدات المافيا.
ولم تنفصل عن أحمد مشاهد المآسى فكانت مأساته الخامسة عندما قررت طليقته الإيطالية الانتقام منه لانفصاله عنها، فدأبت على تعذيب طفلتهما، ونعتها ببنت «العربى» لمحاصرته بالمشاكل والضغوط النفسية، إلى أن دخلت الطفلة مستشفى ميلانو بعد إصابتها بارتجاج فى المخ بسبب الضرب.
وفى الوقت الحالى، يسعى محمد إلى نقل تجربة برنامجه إلى مصر مع اختلاف بسيط، فبدلا من تأهيل المهاجرين سيتم تأهيل الشباب المصرى لسوق العمل العالمى على أيدى خبراء دوليين لإعادة صورة المصرى فى الخارج لمكانتها الحقيقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة