من يؤمن بالديمقراطية عليه ألا يخشى أى شىء خاصة إذا كنا نعرف كيف نمارسها، ونعرف أيضا الحدود الفاصلة بين الفوضى والحرية، وهو المنطق الذى من خلاله نجحت الدول الغربية فى أن تؤسس مجتمعا ديمقراطيا حقيقيا لا مجال فيه للفوضى، حتى لو كانت فوضى خلاقة كما يردد البعض، وهو المصطلح الذى ظهر مؤخرا وروج له البعض باعتباره الطريق لتقويض السلطة المركزية فى مصر، ولكن مع الأيام فشلت النظرية، والسبب أن الدولة تعاملت مع هذه الفوضى بالقطعة ونجحت فى تفتيتها واحدة تلو الأخرى عبر قرارات بعضها سياسى وآخر إدارى.
وخرجت الدولة من معركتها مع الفوضى الخلاقة منتصرة ولم يعد لهذا المصطلح معنى، حتى لو تكررت بعض المظاهرات هنا واعتصام هناك فالدولة لديها من الآليات التى تستطيع بها إجهاض هذه التجمعات مهما كانت قوتها والدليل مظاهرات الغضب فى بعض المحافظات التى لم تؤت ثمارها لأن أغلبها كان طائفيا وقليل منها كان يخدم قضايا وهموم الوطن والمواطن.
أنا هنا لا أقصد أن أفسد فكرة معينة يراها البعض أنها تخدم المصلحة العامة، ولكن أتساءل كيف تستقيم كلمة فوضى مع صفة «الخلاقة» فالجميع يعلم أن الفوضى هى الفوضى، ولا تخلق إلا ضياع استقرار الوطن والمواطن، فالأصل فى الأشياء أن يكون لكل شىء هدف حتى الخروج فى المظاهرات يجب ألا يكون فوضويا بل ومن الضرورى أن يحمل أهدافا محددة نستطيع من خلالها توجيه رسالتنا التى من أجلها خرجنا فى هذه المظاهرة.
لقد استغل البعض مصطلح الفوضى الخلاقة فى الإشارة إلى أن مصر على شفا حفرة من الثورة العارمة، وهو ما يتنافى مع سلسلة الوقائع والأحداث التى جرت فى مصر مؤخرا وأثبتتها الأيام بأن الفوضى حتى لو كانت خلاقة لن تؤدى إلى فرض الديمقراطية كما نريدها.
بنفس المنطق والمنهج فإن الحديث عن ضرورة وجود رقابة دولية على الانتخابات يعد من البدع التى من الضرورى أن نناقشها بتعقل شديد، فلو كان الغرض هو خروج العملية الانتخابية بشكل جيد ونزيه، فإننى أستطيع التأكيد أنها بدعة حسنة، أما إذا كان الهدف هو فضح مصر على الساحة الدولية فإنها بدعة غير محمودة، ومن الضرورى التأكيد على أن أى تجاوزات ستحدث فى الانتخابات ستتم حتى لو أحضرنا فريقا من الأمم المتحدة لمراقبة الانتخابات، وبالتالى فإننى أقترح تشكيل لجنة مصرية خالصة تضم كل الأطياف السياسية بما فيها قيادات من الحزب الوطنى هدفها هو كتابة تقارير محايدة حول سير العملية الانتخابية وهذه اللجنة أراها البديل المنطقى لبدعة الرقابة الدولية التى لن تقدم ولن تؤخر فى عملية الرقابة على الانتخابات والتى تجد رفضا من جانب الحكومة المصرية.
إذن هو الحل الحقيقى لكى تخرج العملية الانتخابية دون أية أزمات.
عبد الفتاح عبد المنعم
الفوضى الخلاقة و«بدعة» الرقابة الدولية على الانتخابات
الجمعة، 22 أكتوبر 2010 01:02 ص