لا يفترض بالشخص العادى، أو الطباقى أن يشعر بالدهشة أو الرعشة، من أحدث فتاوى الشيخ يوسف البدرى التى أعلن فيها "أن مشاركة المرأة، ناخبة ومرشحة، فى نظام الكوتة، المقرر فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة حرام شرعا"، وهو رأى سوف يعجب من يتعاملون مع المرأة على أنها زائدة إنسانية، يفترض أن تبقى خلف الحجب وتختفى ليبقى الرجال، وقد شهدنا من قبل تيارا عارما يرفض جلوس المرأة على منصة القضاء.
الشيخ يوسف رجل عصرى وفتاواه تتماشى مع أحداث العصر، ويحرص على أن يبقى دائما على سطح الأحداث الإعلامية، ورأيه هذا ليس جديدا، ولا مثيرا للصدمات، وهو يمثل قطاعا لابأس به من أنصار الوأد السياسى للمرأة، ومنعها من الخروج أو الحركة، اعتقادا أن هذا يساعد على تحسين الأخلاق، وهو يعتقد أن المرأة تريد أن تخترق آخر الأسوار وتقتحم على الرجال قاعات البرلمان وتزاحم فى الانتخابات والدعاية والجلسات واللجان، ويزيد على ذلك بأن أئمة المسلمين اتفقوا على "تأثيم من يولى المرأة"، أى أنه لا يسحب فتواه على تحريم المرأة ناخبة ومرشحة ونائبة وكوتة بل هو يحرم من ينتخبها أو يوليها، ويضع كل هذا فى حماية "أئمة المسلمين"، ليمنحه قوة، مع أن هؤلاء الأئمة كانوا يعيشون عصرهم، ويحترمون البشر أكثر كثيرا مما يفعل محضرو الجن، وأطباء الشعوذة، ومروجو الرقية، وهم أول من يحتاج إلى من يرقيهم من شياطين تركبهم، وعفاريت تعفرت عقولهم.
ولا مانع من الاختلاف حول الكوتة وفوائدها، صحتها أو خطأها، على أرضية المصلحة والقانون والمساواة أو العدالة، لكن نقلها إلى خانة الجدل الدينى، يغرقها فى آبار السفسطة، التى يخفيها تجار الكلام الذى يشبه الدين وما هو إلا هواء، وبعض هؤلاء لا يختلفون كثيرا عن رجال كانوا يئدون البنات، وجاء الإسلام ليحرم الوأد، لكن أحفاد الوائدين القدماء، يواصلون سعيهم تحت مسميات وخلف مصطلحات ويتخفون خلف ثياب الأئمة، والأئمة منهم براء.
والذين يحرمون الانتخابات على المرأة ، كانوا حتى وقت قريب ـ ومازال بعضهم ـ يعتبرون الديموقراطية من الأساس بدعة، وأن الانتخابات وهذه الحاجات السياسية التى يمارسها الغرب المتقدم، هى نوع من الكفر القراح لا يجوز للمؤمنين أن يتبعوه، ومع أن الشيخ يوسف البدرى نفسه كان عضوا فى مجلس الشعب عام 1984 ضمن التحالف الإسلامى إلا أنه قبل شهور أطلق كلاما قال فيه إن المجالس النيابية والتشريعية لأنها فكر وثنى وليست من الإسلام فى شىء لأنها مأخوذة عن اليونانيين، وأنه يجب استبدال المجالس النيابية والتشريعية بمفهوم الشورى فى الإسلام.
واذا سألت عن الفرق بين الانتخابات والشورى. سيحدثك عن أهل النظر وأهل الحل والعقد والدهماء وباقى التعبيرات الإنشائية التى لا توجد إلا فى عصور بعيدة، وأن العالم تغير، ولا يفرق كثيرا هل هى من اليونان أو من الصومال، لكن بشرا جربوها ونفعتهم، وجعلت المجتمعات أكثر عدالة واحتراما لحقوق البشر أو حتى البهائم.
وبالطبع يصعب على منكرى العقل أن يقتنعوا بالقول لهم أن يتفرجوا على نساء يحكمن دولا عظمى شرقا وغربا، امرأة تقود المانيا وثلاث وزيرات لخارجية أمريكا، وباكستان كانت أفضل تحت رئاسة بى نظير بوتو، ولن يبدوا أى نوع من التفاهم عندما تشير لهم إلى قاضيات فى كل منصات القضاء بالعالم، وفى دول تجاوزتنا تقدما واحتراما وعدالة ومساواة، بينما ما يزال بعض متكلمينا يسيئون للإسلام بكلام، لا يمكن اعتباره فتاوى، بل هو ضجيج مرسل، لأنهم عندما يحرمون التظاهر والمطالبة بالحق.. فإنهم يساندون التسلط والتخلف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة