حين يتحدث الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية عن الغلاء والفقراء والتنمية، ومرتبات الموظفين وعلاقتها بالأسعار، تشعر على الفور أنك أمام وزير فى دولة أخرى غير مصر، والشاهد على ذلك ما يذكره من آراء عن الفقر والفقراء، وإذا كان هو وبفضل موقعه الوزارى يقول ما يريد عن صحة خطط الحكومة وسياستها، فليس المطلوب منا أن نسلم بما يقوله، وعلينا فقط أن نتذكر أنه وزير لوزارة اسمها «التنمية الاقتصادية» المعنية بوضع خطط تنمية تعين الفقراء على فقرهم.
قبل أيام أتحفنا الوزير برد غريب على الصحفيين الذين أكدوا له أن الناس لم تستفد من ثمار النمو، فقال حسب ما ذكرته الزميلة أميمة كمال فى جريدة «الشروق»: «ليس من حق أحد أن يتكلم نيابة عن الناس، أنا أكاد أعرف الفقراء بالاسم»، وبقدر ما يعبر هذا الكلام عن تعالٍ مفرط على نقد سياسات الحكومة، بقدر ما يحمل تجاهلا واضحا للمعاناة الاقتصادية التى تخنق عامة الناس.
فالفقراء الذى قال إنه يكاد يعرفهم بالاسم، يا ترى هل استمع لشكواهم من نار الأسعار التى يزداد لهيبها كل يوم؟ وهل تعامل بجدية مع شكواهم من أن سعر كيلو الطماطم مثلا بلغ عشرة جنيهات؟ ناهيك عن اللحمة التى أصبحت عزيزة المنال ليس للفقراء فقط، وإنما لمن هم أيسر منهم بقدر ما، وذلك بعد أن وصل سعر الكيلو لـ55 و60 جنيها فى القرى والمناطق الشعبية، ومع ارتفاع أسعار باقى الخضراوات، لم يعد بمقدور الفقراء الذى ادعى فخامة الوزير بأنه يعرفهم، أن يواصلوا حياتهم، وشاهدنا قتيلا من أجل الطماطم، ومظاهرات ضد الأسعار، وربما يقول الوزير إنها محدودة لكنها فى كل الأحوال تعبر عن غضب لا يشارك فيه كل المتضررين وهم بالملايين.
الغريب أن الوزير عثمان حينما تحدث عن أزمة ارتفاع أسعار الطماطم، علق ساخرا، بأنه مش لازم الناس تأكل سلطة، وذكرنى هذا الرأى الساخر بما قيل قبل ما يزيد على عشرين عاما، عن أزمة ارتفاع سعر السكر، وكانت الزيادة وقتها قروشا قليلة لا تقارن بالزيادات الحالية، وقالت الحكومة وقتها، إن الناس هم السبب لتعودهم على استهلاكه بكثرة فى الشاى، فرد الكاتب العظيم الراحل أحمد بهاء الدين على ذلك: أن الفقراء لا يأكلون الجاتوه، ولا يعرفونه، فيعوضون ذلك بوضع مزيد من السكر فى الشاى حتى يمدهم بالطاقة وبطعم الحلو الذى لا يذوقونه فى غير هذا المشروب.
هذه اللفتة الذكية والمعبرة اجتماعيا من كاتبنا أحمد بهاء الدين، أتمنى لو يعيد قراءتها الوزير عثمان حتى يتأكد من أحوال الفقراء الذين يعرفهم كما يزعم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة