طبيعى أن تهزمنا إسرائيل فى البحث العلمى لأنها ببساطة تنفق على البحوث والتعليم 27 مليار دولار سنويا أى ما يوازى 5 % من إجمالى الناتج القومى لها.
وطبيعى أن ينزعج الجهاز المركزى للمحاسبات من تدنى وتدهور مستوى البحث العلمى فى مصر وخروج الجامعات المصرية 36 جامعة حكومية وخاصة- من تصنيف الجامعات العالمية لأننا لا ننفق على البحث العلمى أقل من نصف فى المائة أى أقل من مليار دولار فقط ولا يوجد لدينا وزارة متخصصة للبحث العلمى.
هذا هو الفارق الحقيقى بيننا وبين دولة الكيان الصهيونى التى لا يخلو تصنيف علمى على مستوى العالم من جامعاتها وأبحاثها العلمية.
وهذا أيضا هو الفارق بيننا وبين دول أخرى التى تخصص أكثر من وزارة للبحث العلمى مثل اليابان التى تضم وزارتين للعلوم والتكنولوجيا فى حكومتها.
وتلك كارثة إذا ما قارنا بين الإمكانات البشرية والطبيعية المهولة التى تتمتع بها مصر والتى تعانى منها إسرائيل العدو الأول لنا فى مشروع الوجود وليس الحدود..!
الدولة التى تهزمها أسعار الطماطم ومياه الصرف الصحى والأمطار والسيول وحوادث الطرق لا يمكن أن تنتصر فى معركة البحث العلمى، والدولة التى تعانى العشوائية والتخبط وسوء التخطيط والإدارة لا تنتج نظاما تعليميا وبحوثا علمية محترمة رغم وفرة الإمكانات والكفاءات.
مصر بها كفاءات حقيقية وعلماء أجلاء فى الداخل والخارج، لكن المصيبة فى حكومة مغيبة عن حتمية البحث العلمى فى نهضة الأمم ودوره فى إحداث تنمية هائلة فى ظل وجودة إدارة سليمة وحسن توظيف القدرات وتوفير المناخ الصحى للإبداع والابتكار.
هل يعقل أن يكون لدينا 130 ألف مصرى حاصلون على درجة الدكتوراه وبنسبة تتجاوز بعض الدول المتقدمة ونشكو من أزمة بحث علمى، وهل نتصور أن فى مصر 40 مركزا للبحث العلمى لا يعرف أحد ماذا يدور بداخلها وأين منتوجها ولماذا كل هذا التشتت فى المراكز.
لدينا أقدم مركز للبحوث فى مصر يعانى العديد من المشاكل الفنية والإدارية رغم امتلائه بالعشرات من الكفاءات العلمية التى لو توفر لها المناخ العلمى والإدارى والمالى السليم لكان لدينا عشرات مثل الدكتور زويل والباز ومصطفى السيد. لكن هذا المركز الضخم والمهم مازالت ميزانيته لاتتجاوز 250 مليون جنيه رغم إنجازاته التى تتم بعيدا عن الأضواء ولا تتم الاستفادة الحقيقية من الأبحاث التى يقوم بها وبراءات الاختراع المسجلة فيه.
مازال أمل فى إمكانية النهوض ومنح العلم قيمته ومكانته المستحقة فى مصر بشرط توفر الإرادة، فالأزمة تتلخص فى سوء الإدارة والعشوائية ونقص التمويل وليست فى نقص الكفاءات العلمية.
البحث العلمى فى مصر قضية تهم الجميع، ولو افترضنا على سبيل المثال- فرض جنيه واحد شهريا للإنفاق على البحث العلمى من فاتورة الموبايل- 62 مليون مستخدم للموبايل- لأنهينا قضية التمويل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة