لم يعد للمواطن ملجأ إلا القضاء، يختصم لديه ظالميه والمقصرين فى حقه من المسئولين، ما دامت أخطاؤهم كما هى بادية فى سياسات التجويع والإفقار، لم تعد كافية لإقالتهم، وآخر حلقة فى انتصارات المواطنين ضد المسئولين غير الناجحين، تلك الدعوى التى رفعها المواطن ناجى رشاد ضد رئيس الحكومة، وحصل فيها على حكم من القضاء الإدارى بإلزام الحكومة باعتماد حد أدنى للأجور 1200 جنيه.
لكن الحكومة كالعادة، عملت ودن من طين وودن من عجين، وماطلت فى تنفيذ الحكم على اعتبار أنه فوق طاقة ميزانياتها، هى التى تعتبر أن 300 جنيه يمكن أن يكون راتبا شهريا لموظف يعيش فى بلد وصل فيه كيلو اللحم إلى 90 جنيهاً وكيلو الطماطم إلى 10 جنيهات.
لم ييأس الناشط العمالى ناجى رشاد، دفع باستشكال جديد ضد الحكومة لمماطلتها فى تنفيذ الحكم، وأيدت محكمة القضاء الإدارى الحكم السابق وقبلت الاستشكال ضد موقف الحكومة السلبى من عدم تنفيذ الحد الأدنى للأجور، فى الوقت الذى شهدت فيه الأسعار موجة غلاء كبيرة، يعجز عن ملاحقتها الموظفون فى قطاعات الحكومة وقطاع الأعمال وكذلك بعض فئات القطاع الخاص.
ومع ذلك يبدو موقف الحكومة ثابتا على تحديه أحكام القضاء وقبلها تحديه للمواطنين أنفسهم، فحكومة نظيف تسعى الآن للارتفاع بأسعار الخدمات الأساسية التى تحقق دخلا لخزانة الدولة مثل فواتير التليفونات والكهرباء ومياه الشرب، عبر تطبيق سياسة الكروت المدفوعة مقدما، تماما مثل كروت شحن الهواتف المحمولة، وهى السياسة التى أفقرت دولا أفريقية عديدة، وأدت إلى تحكم الشركات الخاصة فى أهم الخدمات التى تهم المواطنين، وكأن السياسة الحكومية تحولت بشكل صريح إلى سياسة جباية بمنطق وآلية الشركات الخاصة دون التفكير فى طبيعة وأحوال الشريحة الكبيرة من المجتمع واحتياجاتها.
من جهته أكد الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية، فى تصريحات سابقة، أنه لا مجال الآن للحديث عن زيادة الأجور إلا من خلال زيادة الإنتاجية، والتى لن تتحقق إلا من خلال التعليم الجيد فهو السبيل الوحيد لدفع عجلة الإنتاج، كلام مستقبلى لا يحل ولا يربط فى القضايا الملحة المتعلقة باحتياجات المواطنين الآنية، والمنطق نفسه تجده عند غيره من الوزراء وعند رئيس الحكومة، والإنتاجية لديهم تعتمد على تحصيل الإيرادات من المواطنين مقابل الخدمات الأساسية.
الناشط العمالى ناجى رشاد سيلجأ من جديد إلى المحكمة إذا لم تنفذ الحكومة الحد الأدنى للأجور، وأعتقد أن الحكومة ستتجاهل أحكام القضاء مجددا، رغم علم خبرائها أن بداية التفكك تأتى من تجاهل مؤسسات الدولة تحديدا لأحكام القضاء.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة