المشهد السياسى هذا الأسبوع داخل مصر لم يكن فى صالح الدكتور محمد البرادعى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق وأحد الطامعين فى حكم مصر، فالرجل الذى ملأ الدنيا ضجيجاً منذ قدومه لمصر من غربة وصلت لأكثر من ربع قرن لم نسمع له صوتاً واحداً فى الأزمات الكبرى التى مرت بها مصر خلال العشرة أيام الماضية، بدأت بتصريحات الفتن الطائفية، وانتهت برفض بعض القوى السياسية المشاركة فى جمعية البرادعى قرار مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، وهى الدعوى التى أطلقها البرادعى منذ قدومه لمصر، ولكنه فشل فى تحقيق ذلك، خاصة وأن إعلان الوفد ومعه أحزاب المعارضة الكبرى المشاركة فى الانتخابات القادمة هى بمثابة صدمة للبرادعى وجمعيته.
ثم جاءت الصدمة الكبرى، وهى إعلان جماعة الإخوان المسلمين مشاركتها أيضاً فى هذه الانتخابات.
وهو ما جعل المراقبين السياسيين يرون أن المشهد السياسى الأخير لم يكن فى صالح البرادعى وجمعيته، فإذا أضفنا ما حدث مؤخراً بين المسلمين والأقباط، والذى بدأ بالتصريحات الطائفية من الدكتور سليم العوا والأنبا بيشوى، وهى التصريحات التى كادت أن تحرق الوطن، وبالرغم من تفاقم كل هذه الأحداث، إلا أننا لم نر ولم نسمع للبرادعى صوتاً، لا حول خروج الوفد والإخوان من الجمعية، وإعلانهما مشاركتهما فى الحياة السياسية عبر الشرعية، وهو ما يرفضه البرادعى، والذى يرفض وجود الأحزاب القائمة، ويرى أن مقاطعة الانتخابات واجب وطنى، ولم نسمع للبرادعى أى تعليق أو رأى فيما حدث بين المسلمين والأقباط، وكأنه يخشى المغامرة بعد أن ورط نفسه أكثر من مرة فى مواقف اعتقد أنها فى صالحه، ولكنها سحبت من رصيده السياسى والشعبى.
الدكتور البرادعى وأنصاره أصبحوا الآن خلف المشهد السياسى فى مصر، ولم يعد لهم وجود حقيقى إلا من خلال بعض البيانات التى يخرج بها البرادعى من حين إلى آخر عبر الإنترنت، دون أن يكون للرجل دور فاعل فى الحياة السياسية التى اشتعلت نيرانها الآن، خاصة مع بدء العد التنازلى لأهم انتخابات برلمانية فى مصر، وهى انتخابات سوف تتغير الخريطة السياسية بعدها، ونخشى أن تتحول جمعية البرادعى إلى مجرد ظاهرة صوتية لا تأثير لها فى الشارع السياسى، والذى سيعلن من الآن ولأكثر من عام حالة الطوارئ لأنه سيشهد ميلاد أهم برلمان سياسى فى تاريخ مصر، هو البرلمان الذى سيعبر من خلاله رئيس مصر القادم.
فلماذا لا يتعلم البرادعى الدرس وينخرط فى الشرعية، ويحاول أن يحارب خصمه من داخل البيت وليس من خارجه، فالطريق إلى كرسى الرئاسة لن يكون إلا من خلال الشرعية، حتى ولو كانت هذه الشرعية ناقصة، كما يردد البرادعى وأنصاره.