هل كان بإمكان الرئيس البرازيلى لولا دى سيلفا أن يدعو لاستفتاء عام فى البرازيل لتغيير الدستور، وتعديل مدة فترة الرئاسة «لمدد أخرى» ليبقى على كرسى السلطة حتى حين؟
كان بإمكانه، إلا أنه يدرك حتمية العملية الديمقراطية وتداول السلطة فى بلاده بانتخابات حرة مباشرة، رغم أن البرازيل دولة مصنفة بين دول العالم الثالث، الذى يجوز فيه أى شىء من السياسة إلى الاقتصاد.
كان بإمكانه أن «يضرب كرسى فى الكلوب» لو راوده شيطان السلطة وبريقها عن نفسه، وآثر أن يبقى على العرش رئيسا متوجا لعقود، وهو الرجل الذى أحدث نهضة وتنمية حقيقية فى البرازيل يشهد بها العالم. لكنه قاوم الشيطان الذى يلبس رؤساء دول العالم الثالث.
ودع لولا الرئاسة بعد أن أصبح البطل الشعبى، وبعدما أسهمت خططه الاقتصادية فى رفع الملايين من تحت الفقر، وحافظ على استقرار الاقتصاد البرازيلى وحاز مكانة شبه أسطورية سواء فى الداخل أو الخارج.
الشعبية التى تمتع بها لولا، كانت زعامة حقيقية وليست «ورقية»، كانت تعبر عن مهارته السياسية، بقدر ما عكست نجاح برنامجه الاجتماعى والاقتصادى. فقد نجح فى تقليص الفقر بين السكان من 35 إلى 22 فى المائة. المؤسسات الدولية أشادت بالنجاح الاقتصادى الذى حققته البرازيل أثناء سنوات لولا، لأنه حافظ على سياسات الاقتصاد الكلى الذى تبنته الحكومة السابقة، رغم معارضة البعض له داخل حزب العمال، وهو حزب لولا، وحقق نسب نمو عالية، بلغت 7 بالمائة العام الحالى، وهو ما وضع البرازيل على قدم المساواة مع الصين والهند، وانخفضت معدلات النمو إلى أدنى مستوى لها عند 7 بالمائة فى شعب يتجاوز عدد سكانه 195 مليون نسمة ونجحت البرازيل فى سنوات لولا فى القضاء على اختلال توازن ميزان المدفوعات. لم يتفاءل الكثيرون ببدايات لولا بعد انتخابه عام 2003 فهو الرئيس الذى لم ينه سوى الصف الرابع من التعليم، وعندما أدى الرئيس لولا ديسيلفا اليمين الدستورية كرئيس للبرازيل بداية عام 2003، صاح متأثرا «أخيرا حصلت على أول شهادة عليا» وبعدها تحول إلى أحد أكثر الشخصيات شعبية فى البرازيل. وبالأمس تحول لولا دى سيلفا من مقعد الرئاسة بعد 8 سنوات من الحكم الى مواطن عادى أو عضو قيادى فى حزب العمال يساند ويدعم مرشحة الرئاسة من الحزب الذى ينتمى إليه ديلما روسيف التى حصلت على أعلى الأصوات فى استطلاعات الرأى والتى قد تكون هى رئيسة جديدة للبرازيل على خطى لولا. انتخب البرازيليون السيدة روسيف، وودعوا لولا بدموع الزهو والافتخار والاعتزاز وقالوا «ألف ألف شكر يا زعيمنا» وطالبوا روسيف بتكملة المشوار لأن طريق النهضة البرازيلية مازال طويلا.
واعتقد أنه لو لم يكن لولا برازيليا لتمنى ملايين المصريين أن يكون مصريا..!