اعتاد المصريون منذ عقود على سماع كلمة استفتاء فى المجال السياسى، كما اعتادوا أيضاً على أن يكون يوم الاستفتاء يوم إجازة رسمية حتى لو لم يعلن ذلك، لأن لا أحد فيهم يذهب إلى صناديق الاقتراع على الاستفتاء، سواء كان خاصاً بقانون أو تعديل دستورى أو انتخابات، ولكنهم يجدونها حجة قوية للتغيب عن العمل، وكما لا يهمهم أن يذهبوا للمشاركة فى الاستفتاء لا أحد فى الشارع عادة ما يتوقف أمام نتائج تلك الاستفتاءات، لأنهم يعرفون نتيجتها مسبقاً 99%، وبالتالى كفر أغلب المصريين بالاستفتاءات السياسية منذ زمن ولم تعد تهمهم، لأنهم يعرفون أنها مضروبة وتضاءلت أمام المصرى القدرة على الاستفتاء، إلا فى مجال واحد وهو الفنى، فالاستفتاء على نجومية أحد أو حب الجماهير لعمل فنى ما معاييره ثابتة يصعب تزويرها وتكون واضحة جلية من خلال إيرادات الأفلام أو المسارح وغيرها وكثير من المظاهر التى لا تخفى على أحد فبقى الفنى المصرى بأنواعه هو المجال الوحيد مع كل عيوبه الذى يصعب فيه تزوير إرادة المنتخب أو المستفتى.
ولكن يبدو أن البعض قد استكثر علينا هذه الميزة ورؤوس الأموال التى باتت تنفق، خاصة فى مجال الإعلام والتليفزيون لا يرضيها أن تقبل الهزيمة.
وصار موسم رمضان وما بعده موسم ضرب الاستفتاءات وحتى شركات قياس المشاهدة والتى تعد فى كل مكان فى العالم صاحبة كلمة كالجنية الذهب صارت هى الأخرى تضرب قياسات المشاهدة على هواها وهوى أصحاب المحطات الفضائية ومنتجى البرامج والمسلسلات.
ونظرة سريعة على أى من الاستفتاءات، سواء التى أعلنتها الصحف أو المحطات الفضائية أو شركات قياس المشاهدة ستعرف معنى ما أقوله فالبرنامج الفلانى لفلان الفلانى هو البرنامج الأول فى المشاهدة والأجدر بالتكريم وتسأل نفسك ومن حولك ومن حولهم فيه حد يا جماعة شاف هذا البرنامج أو حتى سمع عنه كلمة حلوة أو وحشة فلا تأتى إجابة ويقول الاستفتاء فينا يقول إن الست فلانة الفلانية هى أعظم مذيعة وأن المسلسل الفلانى هو الذى حصن الأصوات وأن الممثل الفلانى والمطرب الثانى هو أحق بالتكريمات والأصوات وتظل أنت كمتلقى لهذه النتائج تسأل وتسأل كيف ومتى ولماذا، ولكن أسفاً لا تجد إجابة حتى أنك تكاد تشك فى نفسك وفيمن حولك بأنكم جميعاً كاذبون وأن ما أخرجته نتائج الاستفتاء هو حق.
فإن كنت من بين هؤلاء مثلى فلا تحزن، لأن الحقيقة قد زورها الآخرون ولا تشك فى نفسك أو فى آخرين كثر قالوا لك رأيهم فى الأعمال الفنية أو فى المحطات الفضائية التى تطاردنا ليل نهار ببساطة، لأن التزوير صار سمة حتى الاستفتاءات الفنية.
لقد عز على أصحاب هذه الاستفتاءات دون استثناء أن يكتفى المصريون بالتزوير السياسى فصار التزوير حتى فى المجال الوحيد الذى كنا نتباهى بأنه ليس فيه واسطة أو وساطة وسلم لى على الاستفتاءات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة