لماذا تحولت المعارض العربية للكتاب من موسم رواج إلى موسم مصادرة ؟

الخميس، 07 أكتوبر 2010 08:15 م
لماذا تحولت المعارض العربية للكتاب من موسم رواج إلى موسم مصادرة ؟
وجدى الكومى - هدى زكريا - فاطمة خليل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄الكويت منعت أعمال الكتاب المصريين.. وكاتب يمنى يقاضى حكومته بسبب منع روايته من معرض صنعاء
◄◄ إسرائيل تمنع كتابا عن الشيخ أحمد ياسين من معرض فرانكفورت بحجة معاداة السامية


يتلهف الكثيرون من محبى القراءة والمبدعين العرب والأجانب، لموعد الإعلان عن افتتاح معارض الكتاب والتى تعد بمثابة تظاهرة ثقافية هامة، تستعرض فيها جميع الدول نتاجها الثقافى، وتبرز كم الإنجازات التى حققتها خلال الفترة الماضية، ويستغلها الكتاب أيضا فرصة لتحقيق نسبة مبيعات عالية لأعمالهم، وعرضها على نطاق أوسع، ولكن قد تتحول لحظات الشوق تلك إلى خيبة أمل فى نفوس القراء والكتاب على حد سواء وذلك عندما يقبلون على شراء عمل بعينه، فيعلمون أنه تم منعه من المشاركة ومصادرته.

من أيام منعت إدارة معرض صنعاء الدولى للكتاب، رواية «مصحف أحمر» الصادرة عن دار رياض الريس للروائى اليمنى محمد الغربى عمران، من المشاركة فى المعرض، وهو ما أدهش المؤلف الذى سبق أن وعده وزير الثقافة اليمنى الدكتور محمد أبوبكر المفلحى بمشاركة الرواية فى المعرض ولكنه فوجئ بأن هذا لم يتحقق.

وأعرب عمران لـ«اليوم السابع» عن أسفه تجاه هذا القرار، مؤكدا أن الرواية الممنوعة جاءت لتؤرخ لفترة هامة فى حياة المجتمع اليمنى، شهد خلالها حالة من الفساد السياسى، وتغلغلا إرهابيا معلنا عن مقاضاته لكل من وزير الثقافة ورئيس الهية العامة للكتاب اليمنى الدكتور فارس السقاف، والذى يرى عمران أنه السبب وراء قرار منع روايته.

وكما منعت اليمن «مصحف أحمر» كانت الكويت قد منعت عشرات الكتب فى معرضها الدولى للكتاب المقرر عقده فى أكتوبر القادم، ورغم أنها ليست المرة الأولى التى تفعلها الكويت فى أحد معارضها، لكنها هذا العام آثرت أن تمنع أكثر من 40 مفكرا مصريا، أبرزهم الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، وجلال أمين، وجمال بدوى، وجمال الغيطانى، وإبراهيم أصلان، وخيرى شلبى، وإبراهيم عبدالمجيد ورضوى عاشور، ومحمد المنسى قنديل، ويوسف القعيد، وفهمى هويدى، وعلاء الأسوانى ومحمد عمارة، وفاروق جويدة، وعزت القمحاوى. هذا المنع ليس الأول، كما لن يكون الأخير، حسبما يؤكد الكاتب الكبير إبراهيم أصلان الذى قال لـ«اليوم السابع»: لاتوجد مفاجأة كبيرة فى منع كتاب أو آخر، فهذا هو العالم العربى، وعلينا ألا نعوّل كثيرا فى فهم هذه الأنظمة.

ويضيف أصلان: ورغم كون معارض الكتب واحة تتاح فيها إمكانية الحصول على أى كتاب يصعب شراؤه فى الأيام العادية، إلا أن قيام الكويت بمنع الكتب خلال معرضها، يضرب هذه الفكرة من أساسها، فما معنى معرض الكتاب؟ يصف أصلان معارض الكتب بأنها مساحات محمية بحقوق الإنسان فى التفكير، والتعبير كما يحلو له، لكن منع الكتب خلالها كما فعلت الكويت، يضرب هذه الفكرة من جذورها، ويدحضها تماما، ويخلق تحديا جديدا أمام القراء، وهو كيفية الحصول على هذه الكتب التى منعت بإرادة البعض، يضيف أصلان: من العبث أن تمنع كتب فى هذا العصر، ومن الفانتازيا أن تظن أن بمقدورك أن تحجز فكر كاتب ما من الوصول إلى قارئ نهم، يرغب فى المعرفة، ويصر عليها، فالكتب مثل الماء، لن تمنعها سدود الدنيا أو تنجح فى حجزها، والحصول على أى كتاب أمر ليس مشكلة فى ظل سماوات مفتوحة، يمكنك أن تحصل على أى كتاب سواء «بالبريد السريع» أو أن تلجأ لتحميله مباشرة من أى موقع على الإنترنت.

«محمد عمارة»، و«لويس عوض»، و«حسن حنفى» هم أبرز المفكرين المصريين الذين ظلوا على قائمة الكتاب الكبار الممنوعين فى السعودية، هكذا يؤكد الروائى الكبير يوسف القعيد الذى قال لـ«اليوم السابع» إن كل دولة عربية لها قائمتها الخاصة والتى تختلف وتتبدل بالطبع من بلد لآخر، وقال القعيد إن أسباب منع هؤلاء المفكرين الثلاثة الكبار فى السعودية، مهاجمتهم الدائمة للتيار السلفى الوهابى القادم من هناك، وكذلك منعت السعودية نصف أعمال كاتبنا الكبير «نجيب محفوظ» وعلى رأسها طبعا روايته «أولاد حارتنا» التى كانت ممنوعة فى مصر أيضا، رغم تداولها بكثرة على «فرشات» الكتب والجرائد على الأرصفة، يقول القعيد: السعودية لم تعترض فقط على محتوى الكتب، وإنما كانت تعترض على عناوينها، ومن ذلك أنها اعترضت على عنوان رواية «عبث الأقدار» لنجيب محفوظ، انطلاقا من أن الأقدار لا تعبث، وأعتقد أنه قد تم تغيير عنوان الرواية وقتها لتصبح «عبث» فقط حتى يتسنى دخولها، وكذلك اعترضت على عنوان رواية «زينب والعرش» لفتحى غانم، فتم تغييره أيضا وصارت «زينب» فقط، وتابع القعيد: النكتة أن السعودية منعت أعمال الشاعر الراحل غازى القصيبى، رغم كونه أحد وزراء العمل السعوديين، وأتاحتها للتداول قبل رحيله بأيام وزير العمل السعودى عبدالعزيز خوجة. من الكتب الممنوعة أيضا فى السعودية وسائر أنحاء الخليج العربى كتب المفكر الليبى الراحل الصادق النيهوم ، ومنها «فرسان بلا معركة» و«الإسلام فى الأسر» و«إسلام ضد الإسلام»، يقول القعيد: المنع ليس فى السعودية فقط، فهناك كتب المفكر العراقى «ابن قرناس» الذى صدرت له كتابات إسلامية عديدة، ممنوعة كلها فى مصر، وكذلك الروائى السودانى «الطيب صالح» الذى ظلت رائعته «موسم الهجرة إلى الشمال» على قوائم الكتب الممنوعة فى السودان، وتحديدا فى الجامعات السودانية، ولا يمكن أن ننسى منع المفكر الجزائرى الراحل «محمد أركون» الذى منعت كتبه فى الجزائر، وكذلك منع جسده أيضا من أن يكون مثواه الأخير فى بلده، فدفن فى المغرب.

«السعودية هى البلد العربى الأكبر من حيث المساحة ومن حيث المنع لأعمال كتابنا المصريين» هكذا يؤكد الشاعر شعبان يوسف مشيرا إلى أن السعودية منعت كل أعمال الروائى الراحل محمد عبدالسلام العمرى ومنها: «صمت الرمل»، و«اهبطوا مصر»، و«مأوى الروح»، و«النخيل الملكى»، و«قصر الأفراح»، و«الجميلات»، وقصته القصيرة «بعد صلاة الجمعة» التى تم نشرها أولا فى الأهرام، وهاجمها الإمام الغزالى رحمه الله، لأنها تناولت القصاص فى الإسلام، وتطبيق السعودية إقامة الحد، وحرض على قتل العمرى، لكن القصة نشرت فيما بعد فى كتاب صدر عن دار الحضارة، ولم تسمح السعودية بدخولها ومعها بعض دول الخليج، وأضاف شعبان: إبراهيم عبدالمجيد كان على رأس الروائيين المصريين الممنوعين فى السعودية، فمنعوا له روايته «البلدة الأخرى» التى صدرت منذ عشرين عاما، وظلت ممنوعة طوال تلك الفترة، وتدور أحداثها كلها فى مدينة «تبوك» السعودية وكانت تنتقد النظام السعودى، كما منعوا له أيضا رواية «قناديل البحر» لاحتوائها على مشاهد جنس، و«عتبات البهجة»، و«برج العذراء»، وأخيرا روايته الأحدث «فى كل أسبوع يوم جمعة» الصادرة العام الماضى والتى منعت أيضا من دخول السعودية. إبراهيم عبدالمجيد ليس وحده الممنوع فى السعودية.

وبعيدا عن المستوى العربى، فهناك أيضا نماذج من المنع والمصادرة تعرض لها بعض الكتب والإصدارات الأجنبية بالخارج، ففى عام 2004 تدخلت النيابة الألمانية بشكل مباشر، وقررت سحب عدد من الكتب العربية المشاركة فى معرض فرانكفورت، بعد شكوى تقدم بها مركز سيمون فيزنتال لمكافحة معاداة السامية، ومن الكتب التى منعت فى المعرض كتاب عن الزعيم الروحى لحركة المقاومة الاسلامية حماس الشيخ احمد ياسين الذى اغتالته إسرائيل، وكتاب مصرى آخر حول أنشطة أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية «الموساد» فى العالم، إلا أنه لم يتضح حتى الآن عدد الكتب التى صودرت من المعرض وكيفية مصادرتها.

وقال نائب مدير المعرض يواكيم كيهل وقتها إن مكتب المدعى العام الألمانى يتحقق من الاتهامات التى تقدم بها مركز سيمون ويزنتال، الذى يدافع عن المصالح اليهودية، بشأن بعض الكتب التى يروّج لها ناشرون عرب، وامتنع كيهل عن الإفصاح عن أسماء الكتب التى صودرت، لكنه أضاف ان المنظمين تصرفوا بعدما أرسل مركز ويزنتال رسالة تشير إلى 15 كتابا، بينها واحد من ثلاثة أجزاء يدعو إلى تدمير إسرائيل، ويثنى على زعيم حماس الراحل الشيخ أحمد ياسين، وقال مدير المركز للارتباط الدولى شمعون صموئيل، إن بعض الكتب تنتهك القوانين الألمانية التى صدرت بعد المرحلة النازية والتى تمنع التحريض على الضغينة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة