احتفل المصريون بانتصار 6 أكتوبر العظيم الذى حطم أسطورة إسرائيل العسكرية أمام إيمان وصمود الجندى المصرى، وإيمانه بقضيته العادلة وحتمية استرداد حقه المغتصب وكرامته المهدرة بعد نكسات متكررة.
مما لا شك فيه أن انتصار أكتوبر لم يأت من فراغ بل له عدة أسباب أهمها تماسك الجبهة الداخلية للمصريين، وإيمان جنود مصر البواسل بضرورة تحرير تراب أرضهم المغتصب بخطة عسكرية جيدة وبضربات موجعة فى عمق دفاع جيش إسرائيل.
مهما تعددت أسباب النصر، إلا أنه ظل تماسك الجبهة الداخلية هو السبب الرئيسى لنصر أكتوبر العظيم، حيث انصهر المصريون فى بوتقة واحدة بروح رجل واحد بلا تفريق بين جنس أو لون أو دين.
فترى الرقيب محمد عبد العاطى عطية أُطلق عليه صائد الدبابات خلال أيام حرب أكتوبر، حيث استطاع تدمير 23 دبابة بمفرده، لذا استحق نيل نجمة سيناء من الطبقة الثانية.
والشهيد الرائد غريب عبد التواب أحد ضباط المشاة الذين واجهوا الدبابات الإسرائيلية بأجسادهم.
البطل محيى نوح الذى نال أربع جوائز تقديرية وميدالية الترقية الاستثنائية 29/4/1956 ونوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى 3/4/1969 ونوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الثانية 10/2/1970 ونوط النجمة العسكرية 18/8/1971 ونوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى 19/2/1974.
اللواء باقى زكى استطاع بفكره تسخير مدافع المياه ذات الضغط العالى فى تحطيم أكبر ساتر ترابى، فقد اخترع مدفعاً مائياً يعمل بواسطة المياه المضغوطة ويستطيع أن يحطم ويزيل أى عائق أمامه أو أى ساتر رملى أو ترابى فى زمن قياسى قصير وبأقل تكلفة ممكنة، مع ندرة الخسائر البشرية، فكرمته مصر بترقية الضابط باقى زكى يوسف إلى رتبة لواء وإعطائه نوط الجمهورية من الدرجة الأولى تقديراً لامتيازه وبطولته فى 6 أكتوبر عام 1973.
اللواء فؤاد عزيز قائد الفرقة 18 مشاة التى حققت معجزة عبور قناة السويس، وتدمير حصون خط بارليف، وتحرير القنطرة شرق وبورسعيد، وظل محافظاً على الانتصارات التى حققها طوال أيام الحرب.
اللواء طيار أركان حرب مدحت لبيب صادق صاحب لقب أفضل قائد قاعدة جوية على مستوى القوات المسلحة ذكر اللواء طيار أ. ح مدحت لبيب صادق فى حديث الذكريات حول هذا النصر الكبير: يوم السادس من أكتوبر 1973 كنت نقيب طيار مقاتل ضمن تشكيل مكون من أربع طائرات ميج 21، التى كانت فى ذلك الوقت هى العمود الفقرى للقوات الجوية المصرية، وكانت هذه الطائرة مقاتلة اعتراضية مهمتها اعتراض وتدمير طائرات العدو فى الجو، وكانت مهمة التشكيل هى حراسة مباشرة جنباً إلى جنب مع طائرات السوخوى التى كلفت بضرب مطار المليز وتدمير أى طائرة تحاول منع السوخوى من تأدية مهامها.
وهناك العديد من أبطال أكتوبر مثل العميد مهندس ميخائيل سند ميخائيل ضمن قوات الردع واللواء إقلاديوس ثابت رئيس عمليات الفرقة الثانية مدفعية بالجيش الثانى الميدانى الذى أصر على الأخذ بثأر الشهيد الفريق عبد النعم رياض بعد أن رصد موقع الدبابة المعتدية الذى سرد الحوار التالى: سنة 1969 شن العدو هجوماً بالمدفعية أدى إلى استشهاد الفريق رئيس الأركان عبد المنعم رياض فصعدت على شاطئ القتال، ورصدت موقع الدبابات المعتدية وكان موقعى خلف المكان الذى استشهد فيه.
فقلت لقائدى: لا بد أن نضرب هذه الدبابات وكان رده بأنه ليس لدينا الأوامر بضربها فقلت لهم بعد استشهاد رئيس الأركان هل توجد أوامر؟ فقلت له: لن يأخذ أحد بثأر الشهيد عبد المنعم رياض غيرى.. وكان الجميع بالملاجئ للاحتماء من شدة القصف طبقاًً للأوامر، وبالفعل توجهت إلى قائد الكتيبة الرائد مصطفى رؤوف، وكنت وقتها برتبة مقدم فأمرته بإخراج المدافع من الدشم وإخراج كتيبة كاملة قوتها 12 مدفعاً 122 ملى.. وطلبت استخراج البيانات التى يتم توجيه القصف على أساسها.. ودرست النواحى الفنية وضبط الاتجاهات من خلال أجهزة الرؤية فصعدت إلى مركز الملاحظة، وتم رصد الاتجاه لضرب الهدف من خلال الاتجاهات المغناطيسية والخرائط، وأبلغنا القيادة بأننا مستعدون، وصدرت الأوامر بالرد بالقصف المحدود، وبعدها تختفى المدافع فوراً وقمت بمراجعة الاتجاهات مرة أخرى، وفى ثانية كانت 48 طلقة مدفعية فوق الهدف فأصبت جميع المدرعات والدبابات وشلُت حركتها ما عدا دبابة واحدة استطاعت الفرار.. وتم تقديرى بجواب شكر من القيادة، وأخذ قائد اللواء وسام نوط الواجب العسكرى.
وهناك أسماء لامعة فى حرب أكتوبر التى تؤكد على انصهار النسيج الواحد فترى وجيه إقلايوس يصر على الأخذ بثأر الفريق عبد المنعم رياض، وأيضاً قصص أخرى تقشعر لها الأبدان مثل الرائد غريب عبد التواب وشنودة راغب فهما يمثلان قصة من الحب والتفانى للوطن.. قصة تعبر عن آمال وآلام المصريين.. قصة تعبر عن الزود عن تراب الوطن فقد كان البطل الرائد غريب عبد التواب يوم السادس من أكتوبر 1973 فى طليعة الأبطال الذين اقتحموا قناة السويس، ووطأت أقدامهم الشاطئ الشرقى للقناة، وتسلقوا الساتر الترابى ليشاركوا فى رفع العلم المصرى على الضفة الشرقية للقناة، وأثناء أداء مهمته إذا بمجموعة من الدبابات الإسرائيلية تقوم بالهجوم المضاد باتجاه الشط، وعلى الفور اشتبكت مجموعة الصاعقة بقيادة الرائد غريب عبد التواب مع هذه الدبابات، واستطاعوا تدمير بعضها ثم اندفعت ثلاث دبابات فى اتجاه المصطبة المتواجد عليها البطل فاندفع تجاه الدبابة الأولى تحت وابل من الرصاص، ثم قفز فوق الدبابة وفتح برجها وألقى قنبلة فتحولت الدبابة إلى كتلة من اللهب، وفى نفس الوقت كان شنودة راغب يتعامل برشاشه مع الجنود الإسرائيليين فى محاولة لحمل قائده الرائد غريب عبد التواب بعيداً عن الموقع، ولكن الطلقات الإسرائيلية تمكنت منهما فاستشهدا معاً، وقد سميت إحدى المدارس بالواسطى باسم الشهيد غريب عبد التواب ثانوية بنين، فالشهيد غريب قد قام بتدمير 3 دبابات من دبابات العدو قبل استشهاده.
مما لا شك فيه أن هناك عشرات من القصص التى تؤكد على تماسك أبناء مصر ضد العدوان مغتصب الأرض، قصص تؤكد على صلابة الشعب والتحامه والآن السؤال:
ماذا يدور على أرض المحروسة؟ هل تحول الأخوة لأعداء؟
هل يحتاج المصريون لحرب أخرى ليتعانقوا من جديد؟! هل من عقلاء يوقفون عدم الاستقرار الداخلى الذى وصفه الدكتور أحمد كمال أبو المجد منذ عدة شهور إن مصر تعيش حرباً أهلية صامتة؟ هل من عقلاء؟!!
* المراجع:
ـ حرب أكتوبر 1973 مذكرات محمد عبد الغنى الجمسى ـ الطبعة الثانية عام 1998.
ـ العمليات الحربية على الجبهة المصرية للمؤرخ العسكر المصرى جمال حماد. ـ الطبعة الثانية عام 1993 موسوعة تاريخ أقباط مصر عزت أندراوس.
ـ جريدة وطنى 22/10/2006م السنة 48 العدد2339) ).