مع كل الأنباء الواردة عن دعم الأحزاب المصرية لمواجهة الإخوان، ومع كل الشائعات المنتشرة حول تقديم هذه الأحزاب لتنازلات أو خدمات للحكومة مقابل الحصول على مقاعد برلمانية فى الإنتخابات القادمة، وبعد أزمة الدستور وتداخل ما هو صحفى مع ما هو سياسى وحزبى.. أصبحت الأحزاب المفترض كونها معارضة للحكومة والدولة هى اللغز الأكبر فى الشارع السياسى المصرى.. البعض بدأ يعيد رسم وجهة نظر مختلفة لها ولدورها السياسى؟ والبعض بدأ رحلة التفتيش فى نوايا قادتها، ولكن الكل بدأ يبحث عن تلك المنطقة التى تتلاقى فيها الأحزاب مع الدولة؟ ولأن الألغاز فى مصر عادة لا تحظى بإجابات خالصة وواضحة دعنى أقفز معك عبر السطور القادمة بين الكلمات بحثا عن شبه إجابة أو تفسير ضبابى دون اللجوء إلى نظرية المؤامرة الشهيرة.
فى اللعبة السياسية ستخسر إن كانت مفاتيح لعبك محدودة، لابد أن تمتلك منها الكثير ولابد أن تكون متنوعة وإلا فإن بعض الأبواب قد تظل مغلقة فى وجهك ولن ينفع معها كتف يمين أو كتف شمال أو طفاشة، الأبواب فى لعبة السياسة لا تخضع لمنطق لصوص المنازل وليس بالضرورة أن تلين كوالينها أمام البدل الرسمية، لكل نظام سياسى باب وأكثر يمكن أن يعبر من خلاله لتمرير المصلحة وتحقق الهدف، الأبواب الرسمية كثيرا ما تكون مغلقة، وغالبا ما تكون معقدة تحتاج إلى أكثر من 6 تكات لكى تفتح، لهذا ستخسر الدولة – أى دولة- إن اكتفت فقط بالمفاتيح الأصلية الرسمية، لأن الكثير من العلاقات بين الدولة والكثير من الأزمات الداخلية التى تتطلب حلا لا تفلح معها اللقاءات الرسمية ولا المؤتمرات الكبرى، الكثير من الأزمات والكثير من العلاقات تحتاج إلى طرق ودية تفض تشابكها وتمهد للألة الرسمية طريقا للتحرك دون أن تتعرض للخسارة او الإحراج على الصعيدين الدولى والمحلى، لهذا طبيعى جدا أن تجد فى ميدالية الدولة مفاتيح للعب على المستوى السياسى يمكلها من هو ليس وزيرا أو رئيس وزراء أو حتى ينتظر أن يكون وزيرا، مجرد شخصيات عامة لا تملك أى صفة رسمية داخل مؤسسات الدولة، بل قد ينتمى بعضهم لصفوف المعارضة ولكن علاقاتهم ومؤهلاتهم المالية تؤهلهم للقيام بمهمات سريعة لخدمة الدولة أو النظام التى يقود الدولة.
الكلام هنا عن طابور يقف فى تلك المناطق الرمادية ويرفع راية الاستعداد لخدمة النظام السياسى فى ثوب الدولة أو الدولة فى ثوب النظام السياسى، عن طابور قد يضم بين صفوفه الكثيرين ممن تزج بهم الدولة فى السجون أو ممن هم يقفون على المنصات ليلعنوا ماضى النظام الحاكم ومستقبله ويطالبون بسقوطه فى اليوم تلات مرات قبل للاكل وبعده، ولكنهم فى الوقت نفسه قادرون على ارتداء بدلة رجل الدولة والتحرك لتنفيذ مهام دولية وداخلية بإسم هذا النظام.
الكلام هنا عن رجال دولة لا يرتدون زيها الرسمى ولا يحملون من حقائبها الرسمية شيئا، وربما كانوا أصحاب صفة حزبية معارضة، ولكنهم أحيانا ما يخدمون الدولة أكثر مما يستطيع رجالها الرسميون أن يفعلوا.. وأعتقد أن نظرة سريعة منك للأحداث الأخيرة تكفى لأن يكون لديك يقين كامل بأن الخطورة الآن تكمن فى هؤلاء القادرين على خداع الناس وإيهامهم بأنهم مقاتلون ضمن صفوفهم بينما هم فى الحقيقة السلاح الأخطر لهدم تلك الصفوف.. وأنت تفهمنى جيدا عزيزى القارئ!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة