عام تقريباً مر على خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى جامعة القاهرة، والذى وجهه للعالم الإسلامى، وهو الخطاب الذى سحر البعض واستدعى التصفيق، وازدحم بالآيات القرآنية لكنه بقى مجرد خطاب.
أوباما داعب فيه المسلمين وقال إن الولايات المتحدة والغرب ليسوا فى حرب مع الإسلام. وقدم الكثير من التطمنينات، وتصور المتصورون أن باراك أوباما سوف يغير شكل العالم، والحقيقة أنه لم يغير الكثير، بينما الذى غير هما اثنان أسامة بن لادن وجورج دبليو بوش.
كانت أحداث 11 سبتمبر بداية انطلاق جورج بوش وإدارته نحو أفغانستان والعراق، دمرت كلاهما، وكان التدمير للعراق أقوى وأشد. تنظيم القاعدة أعلن على لسان بن لادن ونائبه أيمن الظواهرى أنه الفاعل، بينما جورج دبليو كان فى انتظار إشارة، بدأت حرب على أفغانستان وبعدها العراق. فى أفغانستان تمت إزاحة طالبان عن الحكم لفترة سرعان ما انتهت لتعود الجماعة إلى مقارعة القوات الأمريكية، بل وانتشر فكر طالبان نحو باكستان، لتطارد وتنسف المدارس وتنشر التخلف، وبقى أسامة بن لادن وتنظيمه، بالرغم من بوش أو ربما بإرادته.
أمريكا بوش تحولت نحو العراق واخترعت حجة الأسلحة الكيماوية، لتفتش وتفتش، ثم تشن الحرب. تفككت العراق وانتهت سطوة صدام، وانتقلت الديكتاتورية من فرد أو حزب إلى جماعات وأعراق وعقائد ومذاهب، وأصبح القتل على الهوية، هو طريق الحالة الطائفية.
القاعدة لا تزال فى أفغانستان والعراق، وبفضل القاعدة واجه المسلمون، ولا يزالون اتهامات بأنهم إرهابيون، وبقى أسامة بن لادن ونائبه يقدمان كل الأدلة على ذلك. بينما مدرسة جورج دبليو بوش تعود مع انتصار الجمهوريين فى الكونجرس، وضعف إدارة أوباما أو ضعف شعبيتها.
كان فوز باراك أوباما بمثابة انقلاب فى تاريخ أمريكا، رئيس أسود لدولة بيضاء، أوباما قدم وعوداً. فى الداخل وعد بحل الأزمات التى واجهها الاقتصاد الأمريكى من جراء الأزمة العالمية، كما نجح فى تمرير قانون الرعاية الصحية الذى يخدم الفقراء والطبقة الوسطى، ومرره بالرغم من أنف الجمهوريين، الذين اعتبروه ضد النظام الرأسمالى. القانون سوف يصب فى رصيد أوباما من المستفيدين، لكن هل يكفى ليقنع الناخبين بإعادة انتخابه، وهو الذى لم ينجح فى انتزاع الاقتصاد من الأزمة العالمية، ولا أحيا أحلام الإمبراطورية مثلما فعل بوش، ولا قدم خطوة للسلام فى الشرق الأوسط.
كل ما تبقى صدى خطاباته عن التسامح، وأن الإسلام والغرب ليسا فى حرب، بينما الحرب قائمة من المتعصبين فى الطرفين، والسيادة فى الإعلام لتنظيم القاعدة، حتى لو كان يطلق تهديدات فارغة، والمتطرفون والخائفون فى الغرب يقفون ضد الإسلام، ويخلطون بين القاعدة والإسلام. ولا يمكن إقناع هؤلاء الذين تهددهم طرود القاعدة فى اليمن بأن الإسلام ضد قتل الأبرياء، وهم يشاهدون وجوهاً متجهمة لمتعصبين لا يتحدثون إلا عن القتل، ويقتلون الأبرياء. فى العراق لا يقتل غير هؤلاء الضعفاء من المسلمين والمسيحيين، بينما القوات الأمريكية والقاعدة "محميون".
أما خطاب أوباما عن التسامح فهو لا يصل إلى المتعصبين والغاضبين والخائفين من الطرود، ولا يقنع الذين راهنوا عليه، بينما بن لادن يداعب خيالات أعداء أمريكا بخطابات وتهديدات تلفزيونية. والنتيجة أن خطابات أوباما لم تصل للقاعدة، ولا خطابات القاعدة أفادت الإسلام، والكل فى الانتظار.