رغم أنى أهلاوية صميمة وأعشق القلعة الحمراء وأنتمى إليها، إلا أن تشجيعى لمباريات كرة القدم لا يتعدى كثيرا رغبة شديدة فى أن يفوز النادى الأهلى بأى مباراة يخوضها.
وقد يدفعنى حماس زوجى أثناء المباريات إلى السؤال عن بعض التفاصيل الخاصة بعدد من اللاعبين الذين أعرفهم جيدا من خلال وسائل الإعلام وكثرة الحديث عنهم خلال اللقاءات الاجتماعية، ومن هؤلاء الكابتن محمد أبو تريكة الذى اكتشفه نادى القرن منذ عدة سنوات وتحت إشراف البرتغالى مانويل جوزيه رغم أنه كان يلعب فى الدورى العام منذ عدة أعوام، ومن هنا بدأت نجومية أبو تريكة، وتألقت موهبته الفريدة وحقق مع ناديه انتصارات عديدة كان هو من أهم ركائزها.
وكان من المعروف فى هذا الوقت أن العلاقة بين أبو تريكة وأستاذه جوزيه توطدت وأصبحت هناك مشاعر متبادلة بينهما، رغم حب جميع اللاعبين لمدربهم البرتغالى، إلا أن كابتن محمد كان قصة أخرى.
وجاءت اللحظة الحاسمة بانتهاء عقد مدرب نادى القرن ورحيله عن القلعة الحمراء ورحيل البهجة عن روح أبو تريكة غاب عنه العامل المحفز ففقدت مهاراته الذاتية مفعولها، نعم الذاتية فكل بطولات وإنجازات نجم الأهلى أبو تريكة كان هو صاحب الفضل فيها بموهبته ومهاراته وإخلاصه فى الملعب وكان الخواجة، كما كان يطلق عليه هو المحفز لكل تلك العوامل، والمحفز لمن لا يعرف هو العامل أو البيئة التى تجعل بعض المعادلات الكيمائية فعالة.
"فى بينهم كيميا" هكذا يطلق البعض على تقارب شخصين ويختصر الغالبية الأمر فى رجل وامرأة فقط رافضين فكرة الكيمياء البشرية لكن جاءت علاقة "جوزيه أبو تريكة" لتؤكد وتوضح للمعترضين أن هناك فعلا ما يسمى بالكيمياء البشرية التى تتلاقى خلالها الأرواح والأفكار، وتذوب الحواجز ويبدو الشخصان وكانهما على معرفة ببعضهما البعض منذ سنوات، وكأن هناك ذكريات جميلة تربطهما رغم أن لقاءهما الأول تم منذ فترة ليست ببعيدة وتلك الحالات الانسانية التى اعتبرها شخصيا نادرة رغم وجودها تسمو فيها الرغبات فلا مصالح ولا حسابات إنما مشاعر طيبة وحب خالص، وهو ما حدث مع كابتن النادى الأهلى ومدربه البرتغالى الذى أصبح بمثابة الأب الروحى والذى اعترف أنه أيضا تعلم الكثير من تلميذه واستفاد منه على المستوى الإنسانى لأقصى الحدود فكانت بينهما أفكار وأحلام ولحظات سعادة وحماسة إلى أن فرقتهما الأيام فترك كل منهما فراغ فى نفس الآخر إلا أن معاناة الابن كانت أكبر وهو أمر منطقى لأن الظروف المحيطة به لم يتغير بها شىء إلا اختفاء جوزيه، كان الله فى عون هذا الشاب الذى أثبت لكثيرين أنه لم يكن يوما يدعى الشفافية ولا الأخلاق الرفيعة أنه بشر بما تحمله الكلمة من سمو ورقى أصبحنا نفتقده بشدة فى زمننا هذا.
تحية إلى الكابتن محمد محمد محمد أبو تريكة الذى أثبت لنا جميعا أن المشاعر الإنسانية ونبل الأخلاق مازال أهم من المادة من العقود والملايين والأضواء والنجومية، وأن دفء المشاعر البشرية أهم وأبقى فقد يطول العمر ويمر دون أن يلتقى الإنسان بمن يمس روحه وعقله، لكن المؤكد أن الوقت والمسافات لا يمكن كذلك أن تفرق روحين متصلتين فقد ينسى الإنسان نفسه، لكنه أبدا لا ينسى نفسا تسكن فيه.