فى أيام المحن الانتخابية كلهم يقربون الصلاة.. كلهم عرفوا أعداد المساجد فى دوائرهم.. عرفوا واكتشفوا حوائج الناس الغلابة حتى أنهم قاموا بتدوين أسمائهم فى كشوفهم.. كلهم يواصلون السير على الأقدام فى مسيرات طويلة.. تشفق على أحذيتهم المستورة ذوات الجلود الخاصة جدا من غدر الأتربة الملوثة الخانقة التى تحطم تلك الأحذية وتجعلها تذبل وتفقد رونقها، وتشفق أكثر على الياقات البيضاء التى طالتها كل صنوف التلوث من كثرة التجوال فى القرى والنجوع البائسة.. اليائسة.. تتعجب من الحكمة البالغة فى خطاباتهم عندما يضعون روشتات علاجية سريعة لأزمة البطالة بل وتكاد تصدق أكاذيبهم عندما يعلنون ويؤكدون أنهم سيحطمون البطالة فى الدائرة وهناك وظيفة تنتظر كل خريج ولا تتعجب من بجاحتهم عندما يصرخون فى خطبهم والعرق يتصبب منهم، مؤكدين أن مياه الشرب النظيفة فى طريقها إلى القرى المحرومة والتى تعيش على شراء المياه وتزيد كاهل الاسرة أكثر من طاقتها.. أما الأغرب فالذى نادى وأكد بثقة بالغة وابتسامة غامضة ظهرت على شفاهة بأنه يخطط ويجهز مفاجأة للتخلص من كابوس العنوسة والمشروع يضمن عريسا لكل فتاة ولكنى أشفقت عليهم جمعيا بعدما لاحظت حالة القرف التى تحملوها وهم يطلقون القبلات المجانية لأى فرد يلتقون به وهم يلعنون اليوم الأسود الذى جعل هؤلاء "المقرفين" الذين لا تعرف البرفانات والكولونيات وجوههم ولكننى أشفقت أكثر ودعوت لهم بسرعة نهاية المسألة الانتخابية بلا إعادة عندما أجبر أحد هؤلاء المرشحين أن يزور فلاحا مصريا لأن جاموسته قد ماتت فى ظروف غامضة.. وحاول المرشح الأنيق الهروب من مواساة صاحب الجاموسة.. إلا أن حاشيته أصروا.. بالطبع ظهرت ديمقراطيته المؤقتة وانصاع لرأى الأغلبية من مستشاريه وذهب لتقديم واجب العزاء بعد أن ألقى نظرة سريعة على الجاموسة، إلا أن المشهد الذى رفض المشاركة فيه عندما شاهد كل المعزين الحقيقيين يقدمون مساعدات مالية لصاحب الجاموسة لكى يشترى أخرى تعينه وتساعده وتساهم فى استمرار حياته الأسرية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة