دخل موقع ويكيليكس التاريخ حيث نشر حوالى 400 ألف وثيقة حول حرب العراق "2003-2010" تثبت وتشير وتلمح إلى أخطاء ومؤامرات وجرائم حرب ارتكبت ضد العراق، وبالطبع سوف يكون لنشر هذه الوثائق على شبكة الإنترنت ما بعده من ملاحقات قضائية، ومحاسبات أخلاقية، وربما فضائح سياسية لكثير من المسئولين العراقيين، وبعض دول الجوار.
أما السؤال المبدئى، فهو كيف استطاع أصحاب هذا الموقع الإلكترونى جمع هذا الحشد الهائل من الوثائق، التى من المفروض أنها سرية؟ ثم من الذى زودهم بها؟ وأخيرا، لماذا نشروها فى هذا التوقيت بالذات، والذى يتزامن مع انتخابات حاسمة فى الكونجرس الأمريكى ويشهد محاولة تعيين رئيس وزراء شيعى للعراق، وكذلك بشأن تقارب عراق – إيران – سورى؟
لا شك أن هذه أسئلة كبرى لا أستطيع أنا وحدى الإجابة عنها، وأترك ذلك لفقهاء السياسة الدولية.
أما الذى أقدر عليه فهو مجرد التعليق الشامت على أمريكا فى حربها اللامعقولة على العراق، والتى ثبت فشلها من حيث صحة الدوافع لها، وكذلك من حيث استمرارها لمدة سبع سنوات، وأخيرا من حيث النتائج التى توصلت إليها، لكننى أعترف بأنها حققت غرضين، أولهما سيطرتها المطلقة على نفط العراق، والثانى كسر شوكة العراق، لصالح إسرائيل، ومن المؤكد أن تحقيق هذين الغرضين كان من الممكن جدا أن يتم بطرق أخرى غير تلك الحرب التى ستبقى آثارها الخطيرة وتداعياتها لعشرات السنين.
وتكثف الوثائق أن أمريكا قد استخدمت فى حربها على العراق القوة المفرطة، وهذا ما ترتب عليها قتل مليون ونصف عراقى، وتشريد حوالى خمسة ملايين، فماذا فعل هؤلاء لأمريكا؟ وهل كان أحدهم يمثل تهديدا حقيقيا للأمن الأمريكى؟ لقد صحا الشعب الأمريكى أسلحة دمار شامل فى العراق، كما صحا على انعدام علاقة العراق بتاتا بأحداث الحادى عشر من سبتمبر2001، وأخيرا فلم تكن هناك أى علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة الذى يعادى أمريكا.
وتقول الوثائق إن " 1500" قتيل عراقى لم يتم حسابهم بين قتلى العراق الرسميين، ومن الذى سوف يحاسب أمريكا الآن؟ وهى فى عنفوان قوتها وكبريائها الزائف على هؤلاء القتلى؟ فضلا عن عمليات التعذيب الوحشية التى كانت تجرى بأوامر مباشرة من وزير دفاعها المحترم؟
هل يمكن أن نعتبر نشر هذه الوثائق– القضية صحوة ضمير من الغرب؟ أنا شخصيا لا أستبعد ذلك لأشك لحظة واحدة فى وجودها قديما، ولا فى استمرارها حتى الآن.. وفى المستقبل.
• نائب رئيس جامعة القاهرة السابق
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة