هذا ليس تحريضا لرئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ضد الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية، أو بلاغا صحفيا لرئيس الحكومة ضد أحد أعضاء حكومته، ولكنه الواقع الذى يجسد تلك الحقيقة، فالحكومة تعلن أنها تسهر الليالى وتكد وتتعب طوال النهار من أجل الفقراء وأن برنامجها فى العمل لا يختلف عن برامج المعارضة من أجل رفع مستوى المعيشة للملايين من هؤلاء الفقراء فى مصر وتوفير ملايين فرص العمل لهم.
ومع ذلك لايبالى الدكتور عثمان، الوزير اليسارى فى الحكومة، بكلام كبار المسؤولين ويسير عكس التيار بتصريحات أقل ما توصف به أنها «مستفزة» وتزيد من غضب ملايين الفقراء الذين أعلن الوزير أنه يعرفهم «نفر نفر» «ولا يريد من أحد أن يزايد عليه فى معرفة الفقر وإخوانه وأحبائه الفقراء.
ولم يكشف لنا معاليه حتى الآن عن مصادر الإحصاء والكشوف السرية التى استقى منها أسماء أكثر من 30 مليون مصرى يندرجون تحت خط الفقر حسب البيانات التى أصدرتها منظمات دولية معترف بها، فلم نضبطه يتجول ذات مرة فى أحد الأحياء الشعبية فى المحروسة على اتساعها ويصافح الفقراء فيها ويشد على أيديهم ويلتقط معهم صورا تذكارية للفقر الذى يعيشون فيه.
الدكتور عثمان رغم خلفيته اليسارية، رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع سابقا، يرى كثيرون أنه أكثر الوزراء استفزازا بتصريحاته التى زادت على الحد وكشف فيها عن مدى «حبه الشديد» للفقراء الذين كان فى يوم ما مدافعا صلدا لايشق له غبار عن قضاياهم وهمومهم، فهو صاحب الأقوال المأثورة التى ستظل محفوظة باسمه فى سجل الذاكرة لدى المصريين من نوعية «الحكومة مش مسؤولة عن الفقر» و«اللى دخله جنيه ونصف فى اليوم ده مش فقير» و«ارتفاع سعر اللحمة دليل على رفاهية الشعب»، «ويعنى إيه تاكلوا سلطة دى مش مهمة».
وآخر أقواله المأثورة - وليس آخرها - أن الحد الأدنى للأجور هو 128 جنيها وده يبقى كويس» واختتمها فى حواره مع برنامج «48 ساعة» بالقول المأثور «نجيب عمال من بنجلاديش أو من أى دولة أفريقية أرخص وهيرضوا بالـ 400 جنيه أو أقل». تلك هى تصريحات الدكتور عثمان والتى لانعرف إذا كانت تعبر عن سياسة الحكومة ورأيها أم أنها تعبر عن رأيه الشخصى، فالذى نقرؤه على لسان الدكتور نظيف وكبار مسؤولى الحزب الحاكم مناقض تماما لكلام الدكتور عثمان عند الحديث عن الفقر والأسعار والأجور وفرص العمل وبرنامج الرئيس، اللهم إلا إذا كان الدكتور يرى فى نفسه حكومة قائمة بذاتها لها سياساتها الخاصة التى يعلن عنها فى تصريحاته على عكس ما هو معروف بأنه وزير فى حكومة مصرية يترأسها رئيس وزراء اسمه الدكتور أحمد نظيف. وكل ما نرجوه من الدكتور عثمان اليسارى السابق أن يتوقف قليلا عن تصريحاته حتى يلتقط إخوانه الفقراء أنفاسهم..!