ما الذى جرى لتسيطر كرة القدم على العالم؟
الخيوط متشابكة إلى حد كبير بين السياسة والرياضة، وبين الاقتصاد والرياضة، وخاصة بين السياسة والاقتصاد من جانب وبين وكرة القدم من جانب آخر، بعد أن فطن رجال الحكم إلى أدوات السيطرة والتحكم فى الناس، بواسطة الساحرة المستديرة.
عن تاريخ وحاضر كرة القدم كلعبة رياضية قادرة على تحريك الشعوب وصناعة المصائر، عن لغة الكرة ولعنتها، وعن توظيفها فى الاقتصاد والسياسة، وصعود أهل الحكم والمال إلى المناصب الكروية، يحدثنا الكاتب الصحفى ياسر ثابت فى كتابه "حروب كرة القدم" الصادر منذ أيام عن دار العين فى القاهرة.
يفتتح ياسر كتابه بكلمات الكاتب الأرجوانى الأشهر إدواردو جاليانو "العالم يدور حول الكرة التى تدور"، ويبدأ صفحاته بتعديل "الكوجيتو الديكارتى" ليجعله على النحو التالى: "أنا ألعب إذن أنا موجود"، مشيرا إلى تحول كرة القدم اليوم على مستوى الممارسة والتشجيع وحتى المضاربة والجريمة إلى معادل للحياة.
تستطيع كرة القدم أن تقوم بالكثير مما لا يستطيع القيام به رجال السياسة والحكم، فتمنع ثورة الجماهير من أجل البطالة، كما حدث بعد تأهل تشيلى لمونديال جنوب إفريقيا 2010، وتوقف الحروب الأهلية، مثلما حدث فعلا بعد تأهل أنجولا إلى مونديال ألمانيا 2006، وترفع من الشعور بالانتماء فى مصر بعد الفوز ببطولة الأمم الإفريقية خلال السنوات الست الماضية.
"تعالوا نطل من شرفة كرة القدم على حكايات الأسى وأيام الثأر"، تلك دعوة ياسر ثابت فى كتابه الشيق المزدحم بكم هائل من المعلومات والنوادر والطرائف حول كرة القدم وعلاقتها بالسياسة والاقتصاد فى مصر، منذ أن تولى المشير عبد الحكيم عامر قيادة اتحاد الكرة، وفرض أسلوبه العسكرى فى إدارة شئون الرياضة صولا إلى إدارة الصراع الكروى بين مصر والجزائر فى تصفيات مونديال 2010، حكايات وتفاصيل يستطيع القارئ أن يكون منها كتابا موازيا بعد تحليلها، ليكتشف كيف يفكر رجال السياسة والاقتصاد والكرة عندنا، وكيف تحول الجمهور المتعطش لأى انتصار إلى كورس كبير على المسرح يتحرك فى هذا الاتجاه أو ذاك.
إذا كان ياسر ثابت فى كتابه قد سعى لتأريخ حروب الكراهية فى ملاعب كرة القدم فقد أهدانا أرشيفا معلوماتيا نستطيع من خلاله الانتقال من كرة القدم إلى تحولات المجتمع على مدى السبعين عاما الأخيرة، وكيف أسهمت الكرة فى صناعة هذه التحولات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة