يسرى الفخرانى

حوار مهرج وبهلوان!

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010 01:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان هناك مهرج وبهلوان يجلسان تحت شجرة فى مكان بعيد، كان المهرج يبدو عليه الحزن رغم كل الألوان التى تغطى وجهه فتحجب ملامحه عن أقرب الناس منه، بينما كان البهلوان مهموما رغم ملابسه التى تلمع تحت ضوء الشمس فتجعل اكتشاف ما يخفيه شبه مستحيل، قال المهرج للبهلوان وهو يمزق وردة بين أصابعه: ما هو الحل يا عزيزى.. لقد طردنا صاحب السيرك ولم يعد لدينا عمل آخر وليس فى المدينة سيرك بديل نذهب له، من يقبل أن يعمل عنده مهرج مثلى لا يعرف أحد ماهو وجهه الحقيقى أو بهلوان مثلك كل موهبته المشى على الحبل!

قال البهلوان للمهرج وهو يحاول أن يثبت أنه مازال رجلا قويا ومؤثرا كما كان: إذا كان صاحب السيرك طردنى.. فأعرف ألف مكان يشبه السيرك ويتمنون بهلوانا مثلى له قدرات خارقة فى القفز والنط والشقلبة والمشى على الحيط.. أنا أشطر منك يا مهرج.

نظر المهرج للبهلوان المغرور نظرة لها معنى وقال له: يابهلوان.. هل تظن أنك البهلوان الوحيد فى البلد.. هناك من هم أشطر منك، هناك من يأكل النار ويمشى على المسامير ويقوم بأعمال السحرة والحواة، فلماذا أنت مغرور بنفسك إلى حد أن تتصور أن السيرك هو أنت وأنت هو السيرك، السيرك لا يقف على أحد ويجب أن تعترف أنك انتهيت.

قال البهلوان ومازال يفرد ريشه مثل طاووس يجهل مصيره: مثلى لايستطيع أحد أن يتخلى عن خدماته، من هم بمثل وقاحتى فى مفاجأة الجمهور بحركاته والقفز كالقرد على ظهر طفل أو امرأة تجلس فى الصفوف الأولى.. لا يتكررون كثيرا، رهان: لو أن صاحب السيرك لم يعدنى إلى حلبة اللعب فى أقرب فرصة.. أو ينشئ أحد سيركا مخصوصا من أجلى.

كان المهرج يضحك وهو يقول: ماكنت تصنعه لم يعد يبهر أحدا.. لقد أصبحت نمرة محروقة.. الإثارة التى كنت تصنعها انتهت.

فقال البهلوان وهو يكاد يقفز إلى فرع شجرة يتدلى من فوقه: ومن يضحك عليك ياوش الغراب.. هل تتصور طفلا يصدق حركاتك الساذجة وتصرفاتك البلهاء. أنت وحدك انتهى دورك فى إضحاك السذج بهذه الألوان وهذه الأنف الحمراء وهذا الشعر المستعار.

انقلب وجه المهرج فبكى بسرعة مذهلة وتساقطت منه دموع غزيرة وهو يقول: لاتنس أننى كما أملك موهبة أن أضحك الناس.. أملك أكثر موهبة أن أبكيهم.. انتظرنى فى الفترة القادمة بفقرة جديدة سوف تلهب أعصاب الناس من الحزن والدموع.. الناس تحب أكثر من يبكيها.. سوف أجعلهم يعيشون فى حزن وغم يغسل كل آلامهم فى هذه الحياة.. أنا أشطر منك وأكثر موهبة وعمرى فى الحلبة أطول.

انتبه البهلوان لخدعة المهرج فقال فى تحد: إذا عملت بدونى سوف أفضحك وأخبر كل الناس أنك تمثل عليهم الحزن والدموع وتتاجر بآلامهم وأزماتهم.. وأنت تعرف أن لسانى طويل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة