زينب عبداللاه

حكمة مسلمى العمرانية

الخميس، 25 نوفمبر 2010 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد ينكر حق الأخوة الأقباط فى بناء كنائسهم وممارسة شعائرهم بحرية كمواطنين مصريين يكفل لهم القانون والدستور هذه الحقوق، ولا أحد ينكر حقهم حال غياب هذه الحقوق أو انتقاصها فى الاعتراض والمطالبة بها حتى تتحقق، وأعتقد أن الغالبية العظمى من المواطنين المسلمين لا توجد لدى أى منهم حساسية من بناء كنيسة جديدة فى المنطقة أو الحى الذى يسكنه إذا كان شركاؤهم وجيرانهم فى الوطن بحاجة إليها، بل لا أبالغ إذا قلت إنه إذا قرر الأخوة المسيحيون الاعتصام أو الاحتجاج للمطالبة بهذه الحقوق فسيعتصم ويحتج معهم عدد لا بأس به من جيرانهم المسلمين، لكن ما حدث فى أحداث كنيسة العمرانية يؤكد أن الأخوة الأقباط قد وصلت بهم حالة الاحتقان والشحن إلى درجة تنذر بالخطر، فلأول مرة تصل هذه الحالة إلى حد الخروج إلى الشارع واستخدام العنف وإثارة الشغب والتخريب وترويع المواطنين- سواء مسلمين أو مسيحيين- وأن تمتد هذه الأعمال لتصل إلى حد الهجوم على مبنى محافظة الجيزة وتهديد طلاب المدارس المحيطة بالمبنى والذين أصيبوا هم والمدرسون وأولياء الأمور بحالة من الفزع والرعب، وكذلك اقتحام مبنى حى العمرانية والتجمهر أمام الطريق الدائرى لتسفر هذه المصادمات بين المواطنين والأمن عن وفاة شاب وإصابة ما يقارب السبعين من المتظاهرين ورجال الأمن ومنهم ثلاثة برتبة لواء ورائدين ومقدم وعدد من جنود الأمن المركزى.

هذه الحالة التى وصل إليها الأخوة المسيحيون حتى وإن اتفقنا على أنهم يعانون من مشكلات فى مسألة بناء الكنائس إلا أنها تؤكد أن هناك حالة من الشحن العاطفى والطائفى سيطرت عليهم بسبب عوامل أخرى أهمها أن هناك من يستغل أى مشكلة لإشعال نيران الفتنة ومحاولة تزكية الإحساس لدى الأقباط بأن هناك تمييزا متعمدا ضدهم، سواء من الحكومة أو من المواطنين المسلمين، وهو ما تحاول جماعات أقباط المهجر فى الخارج وبعض العناصر فى الداخل الترويج له ويكفى أن أول تصريح يصدر تعليقا على هذه الأحداث هو ذلك التصريح المستفز الذى أدلى به نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان ليؤكد أن اقتحام الأقباط لمبنى محافظة الجيزة وإحداث تلفيات به هو رد فعل طبيعى!.

فهل هذه الأحداث المؤسفة التى تهدد أمن المواطنين قبل أن تهدد رجال الأمن والمسئولين فى المحافظة وأجهزة الحكم المحلى رد فعل طبيعى؟

وهل حشد كل هذه الأعداد للاعتصام فى المبنى المراد تحويله إلى كنيسة بالعمرانية والذى أكد سكان العمارات المجاورة له توافد عدد كبير من الأقباط بعائلاتهم إليه منذ عدة أيام، وإصرارهم على مواصلة البناء بدون تصريح وفى هذا التوقيت بالذات ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية وتجمهرهم بأعداد كبيرة أمام سيارات الطوب والأسمنت لمواجهة أى محاولات لمنعهم من استكمال البناء هو أمر طبيعى، خاصة وأن محافظ الجيزة أكد أنه اجتمع مع عدد من القساوسة لحل هذه الأزمة قبل اندلاع هذه الأحداث بيوم واحد واتفق معهم على فض التجمهر ووعدهم بتسهيل إصدار تصريح لبناء الكنيسة، وهو ما لم تنكره أى قيادة كنسية، ورغم ذلك استمر العمل فى محاولة لاستكمال البناء لتنفجر أعمال الشغب والعنف مع محاولات الأمن منعهم من استكمال البناء وإخلاء المبنى، وهل هو رد فعل طبيعى انتقال ما يقرب من 3 آلاف متظاهر أمام محافظة الجيزة وأسفل الكوبرى الدائرى وقيامهم بأعمال شغب وتحطيم وتخريب وإثارة الذعر بين طلاب ثلاث مدارس تحيط بالمحافظة وقيام المتظاهرين بقذف هذه المدارس بالحجارة، كما أشار الطلاب، والتى لولا ستر الله لتعرضت حياتهم للخطر بسبب هذه الأعمال التى واجهها الأمن بالقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين؟ وهل يعنى حصول أى إنسان على حقه أن يتجاوز القانون ويعرض حياة غيره للخطر؟

فالأقباط ليسوا وحدهم الذين يعانون فى مصر بل كلنا نعانى بشكل أو بآخر، وفئات كثيرة تشعر بالظلم وتلجأ للاعتصام للمطالبة بحقوقها ولكنها لا تلجأ لاستخدام العنف أو الشغب للحصول على هذه الحقوق كموظفى الضرائب العقارية والمعدات التليفونية ومراكز المعلومات وغيرهم، ولو أن أى فئة من هؤلاء لجأت للعنف والشغب لواجهها الأمن بعنف أكبر بكثير مما واجه به الأقباط المتظاهرين بل وكانت كل فئة من هؤلاء فقدت تعاطف الرأى العام معها ومع حقوقها.

والأمر اللافت للانتباه أيضا فى هذه الأحداث هو الحكمة التى تمتع بها المواطنون المسلمون بمنطقة العمرانية وعدم انفعالهم وتدخلهم فى هذه الأحداث وهو أمر غير مضمون فى أحيان كثيرة، خاصة مع تصاعد حدة الاحتقان الطائفى فى الفترة الأخيرة، بل وبادر بعض أهالى الحى بمحاولات التهدئة واحتواء الموقف وخرج عدد منهم فى مسيرات تتشابك أياديهم فيها مع بعض إخوانهم المسيحيين ليرددوا هتافات "يحيا الهلال مع الصليب"، ولو لم يلتزم هؤلاء المواطنون بهذه الحكمة لتغير الموقف تماما وتضاعف عدد القتلى والمصابين أضعافا مضاعفة، خاصة إذا ما تعرض أبناؤهم من طلاب المدارس المحيطة بالأحداث لأى أذى أو عنف لن يفرق بين طالب مسلم أو مسيحى فتنفلت المشاعر وتتصاعد أحداث العنف بشكل مخيف.

ما حدث ينذر بخطر كبير قادم وأحداث قد تتكرر بشكل أكثر عنفا إذا لم يتم حسم الكثير من الأمور والمشكلات المعلقة وأهمها قانون دور العبادة الموحد والتصدى لمحاولات الشحن الطائفى ومثيرى الفتن وتطبيق القانون على الجميع، وإلا فلا نعرف فى المرات القادمة إلى أين سيصل حجم الاحتقان ولا نضمن أن يتحلى البعض بالحكمة التى تتصدى لهذا الغضب الطائفى الجامح.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة