ما الذى حدث أمس فى منطقة العمرانية؟ ثلاثة آلاف قبطى يشتبكون مع قوات الشرطة فى حرب شوارع بالحجارة، ثم ينتقل عدد منهم لمهاجمة مبانى المحافظة ومبنى حى العمرانية محاولين اقتحامه، لترد قوات الشرطة بحصار الثائرين فى محيط كنيسة العذراء والملاك ميخائيل، وتفريقهم بشتى الوسائل من الهروات وإلى القنابل المسيلة للدموع، ليسقط شباب لم يبلغ العشرين بعد، ضحية هذا الحماس الأهوج، بالإضافة إلى عشرات الإصابات بين الجانبين.
ما هذا؟ لماذا اشتغل الموقف هكذا؟ وهل تصدقون أن 3 آلاف مواطن اجتمعوا دون مناسبة دينية للصلاة فى محيط لا يتجاوز 500 متر مربع دون تنسيق مسبق.
معلوماتى تقول إن اللواء سيد عبد العزيز محافظ الجيزة أصدر تصريحا ببناء مبنى خدمى ملحق بكنيسة العذراء والملاك ميخائيل بمنطقة العمرانية، يتكون من طابق أرضى وثلاث طوابق، وعند التنفيذ تم مخالفة التصريح الخاص بإنشاء المبنى وتحويله إلى كنيسة، الأمر الذى دفع مسئول الحى إلى مراجعة قيادات الكنيسة لتعديل التصريح، فما كان من المحافظ إلا أن طلب رسوم المبنى المعدلة لاتخاذ إجراءات موافقة على التعديل، لكنه طلب عدم المضى فى الإنشاءات المخالفة حتى صدور التصريح الجديد مع وعدة بإتمام الإجراءات سريعاً.
خلال اليومين السابقين على أحداث الأمس، ورغم وعود محافظ الجيزة بإجراء تعديل التصريح المبنى الخدمة إلى كنيسة بعد تسليم الرسوم الخاصة بالإنشاءات، استمر معدل الإنشاء والتنفيذ للمبنى المخالف على حاله وبناء قبة كنيسة أعلى المبنى، فما كان من موظفى حى العمرانية إلا أن تدخلوا لوقف الإنشاءات المخالفة لكنهم واجهوا رفضا ومقاومة صريحة وعلنية من العمال وعدد من الأقباط المحتشدين حول المبنى، فاضطروا للاستعانة بالشرطة لوقف التنفيذ حتى اتخاذ قرار من المحافظ، وهنا اشتعل الموقف، عندما أخذ المحتشدون و العمال فى المبنى يقذفون رجال الشرطة بالحجارة وقطع الحديد وكل ما تصل إليه أيديهم ، مما أسفر عن إصابة 15 فرداً من الشرطة بينهم عدد من القيادات الأمر الذى استفز الشرطة ودفعها للتدخل بعنف لفض أعمال الشغب.
بالطبع نحن ضد استخدام العنف ضد أى مواطن ، لكن أعود للسؤال الأول، لماذا حدث ما حدث؟ نحن نعهد دائما الحكمة فى قيادات الكنيسة، كما نعهد المرونة فى المسئولين التنفيذيين فيما يتعلق ببناء الكنائس الآن، فمن المسئول عن الخروج على الاتفاق الودى بين المحافظة وقيادات الكنيسة؟ من المسئول عن حشد هذا العدد الكبير من الأقباط واستفزازهم لتحويل الأمر وكأنه اضطهاد وتمييز على غير ما هو عليه فى هذه الواقعة تحديدا؟ من الذى جهز الصلبان والشعارات المرفوعة وكأن الأمر يتعلق بهدم دون للعباد، ومنع المصلين من أداء شعائرهم؟
علينا أن نفكر جيدا فى هذه الأسئلة وإجابات حتى نصل إلى تقدير موقف سليم لما حدث بالأمس فى حى العمرانية.
قد يعود بى أحد الإخوة إلى سؤال أسبق، ولماذا يضطر الأقباط كلما أرادوا بناء كنيسة إلى التفاوض والحصول على العديد من التصاريح وممارسة الضغوط أو التعرض للضغوط حتى ينتهى الأمر بالموافقة على إنشاء الكنيسة؟ لماذا لا تتم الأمور وفق قواعد واضحة؟ وأين مشروع قانون دور العبادة الموحد؟
لابد أن نعترف بأن ضوابط إنشاء وترميم الكنائس وغيرها من دور العبادة لم تعد محكومة بقرار العزبى باشا وكيل وزير الداخلية عام 1934 وشروطه العشرة الواجب استيفاؤها قبل التصريح بإنشاء كنيسة أو ترميمها ،فهناك قرارات جمهورية متعلقة بهذا الأمر ،أولها القرار رقم 13 لسنة 1998 والقرار 453 لسنة 1999 والذى منح الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فى كل محافظة حق الترخيص لترميم دور العبادة، وكذلك القرار رقم 291 لسنة 2005 والذى فوض المحافظة فى الموافقة على بناء أو إجراء توسعات أو ترميم للكنائس، أى أن هناك سلطات واسعة للمحافظة وإدارات الحكمة المحلى لتقدير الموقف على الطبيعة، وهناك من المرونة لدى المسئولين التنفيذيين ما يكفل التوصل لحلول سريعة ترضى حاجات المواطنين وحقهم فى أداء شعائرهم.
ومع ذلك أؤيد تماما صدور قانون دور العبادة الموحد بأسرع وقت، سواء فى صيغته التى اقترحها المستشار محمد جويلى ووافقت عليها لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب، وإحالته إلى لجنة الإسكان المختصة عام 2006، أو فى صيغته التى تقدم بها المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على البرلمان.
أيا من صيغتى القانون يمكن أن تكون حلا جذريا للمشاكل الناتجة عن بناء الكنائس ودور العبادة دون ترخيص، لكن حتى صدور القانون هل يكون الشغب وإثارة مشاعر البسطاء هو الحل لتعلية دور فى مبنى أو بناء قبة كنيسة؟
لا أعتقد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة