عاتبني صديق علي ما كتبته بالأمس تحت عنوان "ماذا حدث في العمرانية ؟"، انطلاقا من أنني لم أقدم مبدأ رفض الاعتداء علي المواطنين من قبل الأمن علي أي تفصيلات أخري، مثلما لم أقدم التأييد المطلق لحق الأقباط وغير الأقباط في بناء دور عبادتهم دون شروط أو تعقيدات ، رغم تأكيدى عليه من حيث المبدأ.
صديقي القبطي المتحمس لوجهة نظرة لم يقبل فكرة رفض الاعتداء علي عموم المواطنين بما في ذلك الموظفين العموميين ورجال الشرطة أثناء أداء عملهم، وتهكم علي فكرة أن يعتدي مواطن علي رجال الشرطة، وفقا للصورة النمطية الشائعة حول تجاوزات رجال الشرطة عندنا، ورأي أن الحق المطلق في جانب الأخوي الأقباط الذين دافعوا عن تحويل مبني الخدمات إلي كنيسة بالحجارة وقطع الحديد والمظاهرات.
هنا يا صديقي العزيز لابد أن نضع معا عددا من النقاط علي الحروف، حتى يكون للحوار جدوى، بدلا من أن يغرق كل طرف في وجهة نظرة التي تسندها عقيدته أو انحيازه أو تعاطفه.
أولا، لا أجد أي مبرر لاعتداء الأمن علي المواطنين، كما لا أجد أي مبرر لاعتداء المواطنين بالحجارة وقطع الحديد علي رجال الشرطة، فالتعامل مع الموظفين التنفيذيين له أصول ومسارات، لا تصطدم يا مواطن بالشرطة ودع قياداتك تتحرك في المسارات المعروفة لتحقق أمانيك ومطالبك، لأنك ببساطة لن تحققها بالحجارة أو بذراعك.
ثانيا، تساؤلي الأساسي واندهاشي فيما كتبته بالأمس ، كان حول أسباب اشتعال الاشتباكات أصلا، رغم الموافقة الشفاهية التي أعلنها محافظ الجيزة لقيادات الكنيسة بتحويل مبني الخدمات إلي كنيسة بعد تقديمهم للرسوم الهندسية، "بيني وبينك بعد انتهاء الانتخابات"،وهل كانت هتفرق أن ينتظر إخواننا في الكنيسة عدة أيام وتنتهي مسألة استعراض الرسوم الهندسية للمبني واستخراج التصاريح الجديدة؟
أعود وأكرر، لا أفهم لماذا تم حشد المواطنين المؤمنين البسطاء في موقع عمل تحت الإنشاء ودفعهم دفعا للثورة تحت شعار حماية مقدساتهم.
ثالثا، أؤكد كمواطن صاحب رأي ، علي نقطة أبعد قليلا من المصالح الطائفية والفئوية والشخصية، إنني أشك في دوافع، كل من يتسبب في اختلاق بؤرة توتر، وافتعال أزمة تضع مصير هذا المجتمع علي المحك.
بصراحة يا صديقي هناك شبهة استخدام سياسي وممارسة للضغوط في توقيت خاطئ عبر التصعيد غير المفهوم لقضية مبني الخدمات بكنيسة العذراء والملاك ميخائيل بالعمرانية، تعال وأنظر إلي الصورة الكلية الآن تجد العناصر التالية:
1- تدخل قيادات الكنسية العليا علي الأزمة من باب التصعيد وليس من باب التهدئة، كما نجد ذلك في تصريحات البابا شنودة الأخيرة
2- تدخل نشطاء أقباط بالمهجر علي خط الأزمة وتصويرها على أنها قضية اضطهاد ديني وقمع للحريات، وترويج أخبار غير حقيقية عن أعداد من القتلى والجرحى بالمخالفة للثابت رسميا.
3- تدخل أطراف أجنبية بما لا يحقق المصلحة المصرية، فرغم وجود كل تفاصيل الأزمة أمام النيابة العامة وشروعها في التحقيق واتخاذ الإجراءات الواجبة ، صدرت تصريحات عن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية حول الأحداث طالب فيها بفتح تحقيق ،ملمحا من بعيد إلي وجود علاقة بين ما حدث والانتخابات البرلمانية والوشيكة.
4- نسينا جميعا في غمرة الانشغال بتفاصيل الأحداث ونتائجها ومناقشة مبدآ حرية ممارسة العقيدة، وحقوق المواطنين المكفولة، بأن أصل الأزمة هو مخالفة إدارية تسمي "البناء بدون ترخيص"، وهذه المخالفة كان من الممكن تجنبها بالتنسيق مع محافظ الجيزة المتفهم ،لكن أطرافا "لعبتها سياسة" علي حساب المصلحة الوطنية وحولتها إلي أزمة بها شبهة طائفية واضطهاد يمكن من خلالها فتح جراح قديمة نحاول جميعا تجاوزها، والإضافة إلي رصيد الدولة المدنية التي يتساوي فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.
هل وصلك موقفي يا صديقي .. اشهد يا رب
ماذا حدث في العمرانية ؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة