لا شك أن فوز «اليوم السابع» بالمركز الأول فى السباق الذى نظمته مجلة فوربس العالمية من بين أكثر 50 صحيفة انتشارا على شبكة الإنترنت، هو مكسب كبير للصحافة المصرية بشكل عام، والصحافة الخاصة المستقلة بشكل خاص، وهو أمر يكشف عن مدى توسع متابعة الخبر عبر الإنترنت، الأمر الذى يكشف عن صعوبة مهمة الصحافة الورقية والتحديات التى تقابلها، دون أن نغمط وجود نسبة ليست صغيرة لم تزل تهتم بمتابعة الصحيفة على الورق.
نكهة القراءة عبر الصحافة الورقية تحتل اهتمامات قطاع من القراء الذين لا يجدون الوقت المناسب للمتابعة عبر الإنترنت، وتصفح الصحف من خلال جهاز الكمبيوتر الذى تفتقر إليه غالبية البيوت متوسطة الحال اجتماعيا، والتى باتت تصارع بشكل صعب من أجل استمرارها فى الحياة، مع زيادة كلفة السلع وارتفاع الأسعار، وتزايد جنون الغلاء بشكل كبير.
«اليوم السابع» تعاملت مع ثقافة المتابعة عبر الإنترنت باهتمام، مع ما تفترضه هذه الثقافة من تضحيات تثقل كاهل أى دار صحفية، لأنها تقدم الخبر والمعلومة والتحقيق مجانا، وهو أمر يحتاج إلى سياسة إعلانية ناجحة، لديها القدرة على اجتذاب رأس المال الذى يغطى جانبا مهما من جوانب تحرير المعلومة والخبر.
أتصور أن نجاحات «اليوم السابع» فى الصحافة الإلكترونية ترجع إلى التزام «العقل» الذى يشرف على تحرير الموقع الإلكترونى بمعايير مهنية عامة مجردة لا تخضع لعوامل الرقابة، والانتماءات الأيديولوجية، هذه المعايير تقدم المعلومة للجميع حال وقوع الحدث دون فلسفة أو تقعر أو لى للحقيقة، فأكثر الذين يفشلون فى إدارة المواقع الإلكترونية المعنية بنشر الخبر أو التحقيقات مصابون بداء الإقصاء أو التعصب لفكرة أو أيديولوجية تدفعهم لفلترة الخبر أو المعلومة.
تمتلك «اليوم السابع» مجموعة من الصحفيين الشبان الذين يمكن نعتهم بالليبرالية المحافظة، وهى التى لا تتمرد على الثوابت الدينية والأخلاقية، يشعرون بهموم الناس والمواطنين، ألتقيهم فى المحاكم أو النيابات، ألقاهم أيضا فى المؤتمرات والمنتديات، يكتبون، يقومون بالتصوير بموبايلاتهم الخاصة فوتوغرافيا أو فيديو، حتى أفاجأ بالخبر يتصدر الموقع قبل أن أصل إلى بيتى، وهذه قدرة فائقة لا يقدر عليها أى أحد.
أكثر من التقيتهم، وتعاملت معهم من شباب «اليوم السابع» شعبان هدية ومحمود سعد الدين ومحمود المملوك وهند عادل، بحكم التخصص على الأقل فى ملفات الإسلام السياسى، أو العمل النقابى، والحريات العامة، وغيرهم بالطبع ممن لا تحضرنى أسماؤهم حاليا، قلت لصديقى القديم خالد صلاح: «عندك ذخيرة من الصحفيين الشبان لو أحسنت قيادتهم سيجعلون لـ«اليوم السابع» نكهة ورفعة وتقدما» وهذا أول الغيث.. جائزة «فوربس» العالمية.
صرت لا أعبأ كثيرا خلال العامين الأخيرين بالتواصل مع وكالات الأنباء، فقد تحوّل -أعنى موقعها- إلى وكالة أنباء حقيقية، نشر الخبر به يعنى زيادة فرص تناوله فى الفضائيات المختلفة فى برامج «التوك شو» ذائعة الصيت، ويعنى أيضا اهتمام المسؤولين بمضمون الخبر كل فى اختصاصه وهو المطلوب من نشر أى خبر.
من أهم أدواء الصحافة المصرية فى العقدين الأخيرين شيوع ظاهرة «العناكب» الذين تقلدوا مهنة صاحبة الجلالة واتخذوها حرفة وابتعدوا بها عن الرسالية، «عنكب» يراسل عددا من الصحف أو الفضائيات أو وكالات الأنباء يتعامل بطريقة «فرى لانسر» أى بالقطعة همه إرسال أكثر عدد من الأخبار أو الموضوعات ليحصد ثمن القطع، وصفت شخصية العنكب وتصورته يجلس على كافيه أو قهوة متواضعة يمسك بقلمه وبالأخرى كوبا من الشاى أو فنجانا من القهوة «ويضرب» خبرا من بنات أفكاره أو «يقلب» الخبر الذى قرأه فى صحيفة أخرى و«يلعب» فيه ثم يعيد إنتاجه. عرفت كثيرا من العناكب على مدى عمرى، فقد كان مكتبى قبلة للصحفيين يبحثون فيه عن الخبر، خصوصا فى سنوات العنف والدماء حينما اشتد الوطيس بين الجماعات والنظام، عانيت كثيرا من العناكب الذين يضربون الخبر ويبدلونه ويغيرون معناه ومبناه، فشلت مدرسة «العنكبة» ولم يعد المجال ملائما إلا للجادين فى عالم صاحبة الجلالة، الذين يعشقونها حبا وودا وكرامة، وأيضا يتعيشون منها ويأكلون دون طغيان من جانب على آخر.
أنا واحد من كُتاب «اليوم السابع» الجريدة، كما أنى مصدر من مصادر موقع «اليوم السابع» المهمة أيضا، وأتمنى من حبات قلبى أن تصدر «اليوم السابع» يومية، عندها سيكون لها شأن كبير، لأنى أثق فى قدرات صديقى القديم رئيس التحرير خالد صلاح، وهو يملك رؤى ليبرالية توفر النجاح لأى مطبوعة يترأس دفة العمل فيها، وأيضا تجمعنى صداقة وطيدة بنائبه وتقريبا بكل طاقم التحرير.
نصيحتى لـ«اليوم السابع» الجريدة، أطلقوا الخبر يتجول فى عيون القراء بحرية دون وصاية، وعززوا ثوابت الأمة أكثر فى التحقيقات والمتابعات والرأى، خاطبوا الشعب فى مصر بتكويناته وموروثاته الدينية والفكرية والسياسية أكثر من الاهتمام بخطاب بعيد لغير المصريين.. مرة أخرى نهنئ «اليوم السابع» مع دوام التوفيق والنجاحات.. وأقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة