تجربة غير مسبوقة للممارسة الانتخابية، فاز فيها الحزب الوطنى وخسر فيها الباقون، حتى النواب الذين يحظون بشعبية أو تأييد فقد خسروا أو دخلوا الإعادة، من أجل الإفادة.. انتهت الجولة الأولى لانتخابات مجلس الشعب بفوز الحزب الوطنى بالضربة القاضية التقفيلية فى معظم الدوائر.. مع استعداد تام لتوصيل الانتخابات والنتائج إلى المنازل.. خرجت الأحزاب المعارضة والمستقلون من المولد بلا مقعد، إلا قليلا.. مرشحو الإخوان لم يحصلوا على أية مقاعد ويستعد عدد منهم للإعادة مع توقعات بعدد قليل من الناجحين.. يعدون على أصابع اليد الواحدة.
الحزب الوطنى اعتبر نفسه مكتسحًا ونفى تماما أى نوع من التدخلات أو التقفيل أو التسويد أو التلاعب وحتى تلك الصور والفيديوهات التى نشرت للجان الخالية والصناديق المغلقة وبعض البلطجية وهم يضعون بطاقات انتخابية فى الصناديق، يبدو أنها صور لمواطنين تبرعوا لدعم التطور الديمقراطى والحزب الوطنى نيابة عن المرضى والراحلين الذى يرغبون فى ممارسة الديمقراطية وتحول الظروف دون مشاركتهم، الحزب الوطنى يقسم فى تقاريره أنه فاز بمجهوده. وبالفعل فإن مجهود الحزب واضح تمامًا فى ملء الصناديق.
حتى الوزراء التسعة الغلابة الذين رشحهم الحزب فإنهم نجحوا بجهدهم الخالص دون أى نوع من الانحياز الرسمى أو الحكومى، ويكفى أن المرشحين الوزراء قدموا وصلات رقص بلدى تؤكد أنهم تقدموا ببرامج انتخابية تصلح للعرض الفنى. وهذه الديمقراطية غير المسبوقة تمثل الأسئلة والأجوبة التى يمكن طرحها فى امتحانات نصف العام.
منها مثلا أن الأحزاب المعارضة دخلت الانتخابات ولديها أمل ما فى أن ينجح لها أى عدد من المرشحين وحتى يمكن أن تتقدم بمرشحين للرئاسة يخسرون أمام مرشح الحزب الوطنى، الذى سوف ينجح كما جرت العادة، طبقًا للمادة 76 عادى، والمادة 76 معدل، لكن الأحزاب التى قيل إن بينها وبين الوطنى صفقة لم تنجح فى الحصول على المأمول والمتوقع، فقد خرج حزب الوفد الكبير بثلاثة مقاعد فى الجولة الأولى وربما يحصل على مثلها فى الثانية أو أكثر ليكون هو حزب الأغلبية بنواب لا يتجاوزون عدد الأصابع.. وقد خاض الوفد الانتخابات ولديه أمل فى أن يكون لديه عشرات النواب وهو ما لم يحدث، ومع الوفد أيضًا كان حزبا التجمع والناصرى، وهؤلاء جميعا حتى لو لم يعقدوا صفقة فقد منحتهم تصريحات الحزب عن المشاركة بعض الاطمئنان لإمكانية حصد مقاعد معقولة، لكن الأحزاب خرجت من المولد بلا مقعد أو بمقاعد ضئيلة تجعلها عاجزة عن توجيه أى اتهامات بالتلاعب.
أما الإخوان فقد رفضوا دعاوى المقاطعة وخاضوا الانتخابات وخسروا مع بعض الإعادات التى لاتنبئ بمقاعد كثيرة بل بأصابع اليد أيضا، ومع هذا أصرت الجماعة فى بياناتها على أنها حققت أهدافها من المشاركة، وكانت بذلك ترد على أصحاب دعاوى المقاطعة، الذين قالوا إن دخول الانتخابات بدون ضمانات نوع من الانتحار.. لكن أصحاب دعاوى المقاطعة خرجوا وقالوا " قلنا لكم". لكن حتى أصحاب دعاوى المقاطعة الذين أبدوا ابتهاجهم بسقوط الأحزاب والمستقلين اعتبروا المقاطعة انتصارا فى حد ذاتها، دون أن يقدموا دليلا على النصر الذى حققوه. وسوف نسمع كثيرًا اتهامات ممن شاركوا للوطنى بالتقفيل، وللمقاطعين بالسلبية، أما المقاطعون فسوف يرقصون فرحًا.
الخلاصة أن الانتخابات انتهت تقريبا وخرج الجميع سعداء، الحزب الوطنى اكتسح، والباقون خسروا والمقاطعون انبسطوا بالمقاطعة.. وهو نوع من الممارسة السياسية غير المسبوقة، تجعل الأغلبية للغالبين والجرى للمتاعيس.