فضوها سيرة وانهوا هذه المسرحية السخيفة والعبثية المسماة بالانتخابات، استعراضات فارغة وفلوس مهدرة ومشاجرات دموية راح ضحيتها أبرياء فى طول البلاد وعرضها، وحرق دم لكل المتابعين والمحبين والخائفين على حال هذا البلد، وما الجدوى؟ لا الناس أدلت بأصواتها بنسبة تصويت حقيقية ممثلة لأغلبية السكان، ولا الأصوات رغم قلة عددها وهوانها على صناديق الاقتراع استطاعت أن تأتى بممثلين حقيقيين عن هذا الشعب.
لا أتهم فقط بحكم العادة، الحزب الوطنى والحكومة والأجهزة التنفيذية بالمسئولية عن صناعة وإخراج هذه المسرحية العبثية، ولكنى أتهم جميع أطراف العملية الانتخابية، الحزب الحاكم وأجهزته، والمرشحين الذين لم يكونوا فى كثير من الدوائر سوى مشاريع بلطجية، والناس الذين سمحوا منذ 1952 وحتى الآن بسرقة أصواتهم وحقوقهم فى برلمان حر نزيه يعبر عن إرادتهم وطموحهم.
اتهام الحزب الحاكم وأجهزته لأنهم لا يتصورون إطلاقا إمكانية تداول السلطة مع الحفاظ على مستقبل هذا البلد وحمايته، وهناك تصور سائد لدى الأجهزة الحاكمة أنها فقط التى تستطيع إدارة هذا البلد وحمايته والوصول به إلى شاطئ الأمان، خاصة فى هذه اللحظات الحرجة، والحقيقة أن هذا التصور الخاطئ هو ما جعل البلد يعيش دائما لحظات حرجة وطارئة تفرض الصمت وتحظر عدم التغيير، حتى وصل إلى مرحلة العنف المكتوم وتصلبت شرايينه الاجتماعية والسياسية.
اتهام السادة الطامعين والطامحين فى البرلمان، سببه أن معظمهم أصبح أسير المبدأ المملوكى، "سنوات البرلمة"، هى سنوات للمغانم واعتصار لمميزات الحصانة اللانهائية، بدءاً من تهريب الموبايلات وصولا إلى تجارة قرارات العلاج على نفقة الدولة، صعود هذا النموذج المهان والمهين على سلم البرلمان أوصل الانتخابات إلى مشاجرة وعملية لشراء الأصوات تمهيدا لبيعها بأضعاف ثمنها بعد الوصول للمجلس الموقر.. طبعا هناك نواب محترمون شهدنا أداء ممتازا لبعضهم خلال الدورة الماضية لكن عددهم لا يقارن بعدد النواب النائمين والانتهازيين والخائفين والصامتين والمصفقين والمتاجرين.. آمين.
اتهام الناس فى الشارع بالمشاركة فى هذا العبث، هو أقسى الاتهامات وأسوأ فصول المسرحية، لأنه يشبه إدانة الجائعين الذين يذهبون للمستشفيات الخاصة لبيع نصف لتر دم من أجل شراء كيلو لحم لعيالهم، ليس بيع الأصوات هو الحل، إنما هو أقسى تعبير عن يأس الناس وعدم إيمانهم بالمستقبل.
لا أعرف كيف يمكن أن تتغير تصوراتنا جميعا تجاه مستقبل هذا البلد.. الحزب الحاكم وأجهزته التنفيذية، والمشاركون فى الحياة السياسية والناس فى الشارع، متى يمكن أن تتغير، وتحت أى مؤثرات.. لكن الثابت عندى أن استمرار هذه المعادلة من التواطؤ بين جميع الأطراف ليست فى صالحنا جميعا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة