مدحت حسن

ألغام الساحل الشمالى

الخميس، 04 نوفمبر 2010 07:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرت هذا الأسبوع ذكرى حرب العلمين الشهيرة التى دارت رحاها داخل حدود مصر الشمالية، وكانت السبب الرئيسى فى إنهاء الحرب العالمية الثانية، وانتصار دول الحلفاء على دول المحور، لست مهتماً بتقييم هذه التجربة الدموية، ولكن ما يهمنى ويجب أن يهم كل مصرى هو أن هذه الحرب قد وقعت على أرض مصرية عام 1942، أى منذ 68 عاماً كاملة، وبالرغم من كل هذه السنوات الطويلة جداً، وما حدث من إنجلترا وألمانيا اللتين تقاتلتا يوما ما على أرضنا وأصبحتا حاليا فى أفضل أحوالهما، إلا أنهما تركا لنا أسوأ ذكرى يمكن أن تتركها دولة لأخرى، فقد قامت الدولتان خلال الحرب العالمية الثانية، وبسبب الصراع المرير بينهما بزراعة ما يقرب من 17 مليون لغم قابل للانفجار فى الجزء الشمالى الغربى من الصحراء الغربية.

وقد تسببت هذه الألغام فى إحداث كوارث إنسانية لا حصر لها لأهالى المنطقة، حيث تشير الأرقام التى تم رصدها فقط منذ بداية الثمانينات إلى وفاة ما يقرب من 700 شخص وإصابة حوالى 8 آلاف شخص بعاهات دائمة، وبالتأكيد هناك الكثير الذى لم يتم تسجيله، وبالإضافة للخسائر البشرية المباشرة، فإننا نترك ما يقرب من 20% من مساحة مصر مهدراً، حيث تبلغ مساحة الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى 500 كيلومتر مربع على الساحل، وبامتداد فى العمق يصل إلى 400 كيلومتر حتى واحة سيوه بإجمالى 262 ألف كيلومتر مربع، والمنطقة يتوافر بها ما يقرب من 3 ملايين فدان قابلة للزراعة، بالإضافة إلى توافر موارد مياه هائلة من الأمطار والمياه الجوفية التى تقدر بأكثر من مليار متر مكعب سنويا، وتتميز المنطقة بمناخها المعتدل، وحسب التقديرات بها احتياطى يقدر بحوالى 4. 8 بليون برميل بترول و13.4 تريليون قدم مكعب غاز طبيعى بالإضافة لكميات هائلة من المعادن المختلفة.

هناك أسباب متنوعة تعوق استفادتنا الحقيقية بهذه الكنوز، أولها التكلفة الضخمة لإزالة الألغام، والتى تقدر بحوالى 250 مليون دولار، وثانيها أن حركة الكثبان الرملية والرياح والسيول على مدار السنوات أدت إلى عدم استقرارها فى باطن الأرض وتغير أماكنها، بالإضافة لعدم توفر معدات متطورة فى مجال تطهير الألغام، والأهم هو عدم وجود خرائط دقيقة لحقول الألغام، وعلى مدار سنوات نجحنا فى إزالة حوالى 3 ملايين لغم، وهو جهد ضخم استغرق 17 عاماً، وتكلف عشرات الملايين، ولكن المشكلة تحتاج لطريقة مختلفة فى التفكير لتحقيق أفضل نتائج.

بالتأكيد هناك جهود تقوم بها الوزيرة فايزة أبو النجا فى الضغط على أصحاب الألغام ليقوموا بدورهم، ويلعب السفير فتحى الشاذلى المدير التنفيذى لمشروع إزالة الألغام وتنمية الساحل الشمالى الغربى فى وزارة التعاون الدولى دوراً ملحوظاً داخلياً وخارجياً، ولكن القضية فى رأيى تحتاج لأن تكون قضيتنا الرئيسية كدولة فى المحافل الدولية، ويجب أن نضغط بكل الطرق الممكنة لكى تستجيب إنجلترا وألمانيا، ويتحملان مسئوليتهما التاريخية، وبالتأكيد المهمة تزداد صعوبة مع مرور السنوات، وأيضا التكلفة تتضاعف، ولكننا إذا كنا فشلنا فى أن يكون لدينا مشروع قومى حقيقى نلتف جميعا حوله، فإنه يمكن أن يكون هذا الهدف مشروعنا الوطنى الحقيقى، وأن نستفيد من ثورة الاتصالات والإعلام فى الضغط بكل الطرق على أصحاب الألغام للحصول على حقنا فى الاستفادة من ثرواتنا، ويكفينا الانتظار كل هذه السنوات.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة