يمكن لأى متابع لانتخابات الشعب المقبلة يرصد بدقة عمليات العنف المتصاعدة بشكل يومى فى الدعاية الانتخابية للمرشحين، وهذا يعطى مؤشرا حقيقيا بأن انتخابات الشعب 2010 ستكون الأعنف، واستخدام جميع أنواع الأسلحة من البيضاء حتى الـ«آر.بى.جى» أمر وارد، خاصة فى ظل الحشد والشحن الذى يمارسه كل مرشح ضد خصمه، والذى وصل إلى استخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة بهدف كسب أصوات الناخبين.
ومن أجل الوصول إلى كرسى البرلمان تسيل الدماء وتنتهك الحرمات، فالكرسى أغلى من الحياة وأعز من الشرف، لهذا فإنه لن يكون مستغربا أن ينقلب المرء على أبيه وأمه وأخيه وصاحبته وبنيه، وبهذا المنطق ترتفع درجات العنف مع بدء تدشين الحملات الانتخابية، التى بدأت الدوائر السياسية تتوقع أن يقوم فيها كل مرشح حزبى أو مستقل بتكوين مليشيات مسلحة بكل أنواع الأسلحة لحماية نفوذه فى دائرته وإرهاب خصومه ومنافسيه على الكرسى.
تلك المخاوف انتقلت من حكاوى المقاهى إلى دهاليز المؤسسات الأمنية التى بدأت تتخوف بالفعل من أن تتحول انتخابات مجلس الشعب إلى حرب أهلية، خاصة مع تزايد وتيرة الشائعات والتقارير المشبوهة، التى تؤكد أن القوى السياسية المعارضة تجهز لسيناريو دموى أثناء التصويت، وأن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدى أمام عنف المعارضة- كما تزعم - وأن لديها مليشيات شعبية مسلحة يكون دورها هو إجهاض أى تحرك من جانب قوى المعارضة، هذه التقارير المشبوهة حولت التنافس فى انتخابات عادية إلى معركة حربية ستأكل الأخضر واليابس، معركة لن تخدم الحكومة ولا المعارضة، معركة يستفيد منها أعداء الوطن فى الداخل والخارج.
والخوف من العنف فى الانتخابات المقبلة نابع من أن العنف فى مصر عنف عشوائى ولا يخضع لمعايير سياسية، فالجميع مهدر دمه فى حالة خروجه عن التربيطات الانتخابية ولهذا فإنه ليس غريبا أن تجد عضوا بالوطنى يدعم أحد أقاربه من الإخوان والعكس، فالسياسة هنا ينتهى دورها وتظهر القبلية والتعصب الأعمى لكل ما هو قبلى، وهو ما يشعل الصراع بين المرشحين فى كل محافظات مصر.
والأحداث الأخيرة فى بعض الدوائر تؤكد أن الانتخابات القادمة ستكون انتخابات الدم والنار، سواء من خلال القبائل أو المليشيات التى يحاول البعض الترويج لها وهى البعبع الجديد الذى بات يهدد العملية الانتخابية كلها ويفسد الجو العام فى مصر خلال عملية الاقتراع التى لن تسلم من هجوم بعض التيارات السياسية الشرعية وغير الشرعية باعتبارها أهم وأخطر انتخابات برلمانية فى مصر.
والسؤال الآن، هل تتحمل مصر هذا الجو من الإرهاب الذى يتستر بثوب الانتخابات؟ وهل سيكون هذا المناخ الملبد بكل تيارات العنف مبررا للأجهزة الأمنية لتزيد من عمليات التضييق على كل مرشحى المعارضة وأنصارهم؟ > >