سجل عالم الجيولوجيا المصرى الكبير الدكتور خالد عودة اسمه بحروف من نور فى تاريخ البحث العلمى فى مصر، وذلك لإنجازه منفردا مشروع "أطلس.. مخاطر التغيرات المناخية"، وهو المشروع الذى يعيد رسم مصر بالخرائط، وفقا لمعلومات وأرقام حديثة حصل عليها العالم الجليل من وكالة ناسا الفضائية الأمريكية، ويستهدف المشروع الذى تفرغ له عالمنا الفذ ثلاث سنوات، التوضيح بالحقائق العلمية كم المخاطر المتوقع أن تتعرض لها محافظات ومدن مصرية فى الدلتا بالغرق بسبب التغيرات المناخية التى ستؤدى إلى رفع منسوب مياه البحر.
وفى حلقة رائعة من برنامج "العاشرة مساء" استضافت الإعلامية منى الشاذلى الضيف الكبير يوم الأربعاء الماضى للحديث عن مشروعه العلمى، ورغم أن مجال تخصصه وهو علم الجيولوجيا، ليس بالسهولة التى يستوعبها الناس، إلا أن الدكتور خالد استطاع وبأسلوب مبسط أن يجذب المشاهد إلى شرحه على الخرائط، للمخاطر المتوقع حدوثها على مدى 50 ومائة عاما قادمة بسبب التغيرات المناخية، والمثير كما يقول الدكتور خالد إنه وعبر هذه الخرائط تستطيع أن تعرف بالضبط المنطقة، بل الشارع الذى سيطوله هذا الخطر.
كشف الدكتور خالد عن أن مناطق سكنية وأخرى صناعية فى محافظاتى الإسكندرية والبحيرة ستتعرض للغرق، والأمر نفسه فى مرسى مطروح، حيث يتعرض شمال المدينة بكل أحيائه التى تحتوى على فنادق ومصانع للغرق، وستأخذ مارينا التى يسكنها كبار القوم نصيبها كاملا فى هذا الأمر، بالإضافة إلى غرب مدينة العريش بما فيه من قرى سياحية، وكذلك شمال غرب وجنوب بورسعيد، ويدفع هذا الخطر أكثر من 16 مليون مصري إلى الهجرة من المناطق المعرضة للخطر، بعد أن تغرق بيوتهم ومصانعهم ومزارعهم دون عودة.
لم يقذف بنا الدكتور خالد عودة إلى المجهول من خلال إنجازه العلمى الباهر، وإنما قدم حلولا علمية تحتاج فقط إلى الإرادة الوطنية، وتحتاج إلى مسئولين لديهم إدراك صحيح لمخاطر المستقبل، قال الرجل إن إعادة إحياء مشروع منخفض القطارة هو الأمل الكبير فى إنقاذ الدلتا، فهو المنخفض الأكبر فى العالم، ويحتاج إلى قناة تربطه بالبحر يتم من خلالها سحب المياه الزائدة إلى المنخفض، وتبقى المشكلة فى أن الألغام هى التى تعوق تنفيذ هذا الحلم، حيث يوجد فى المنطقة أكثر من 16 مليون لغم منذ فترة الحرب العالمية الثانية، وليس أمام مصر غير الضغط على الدول التى زرعت هذه الألغام لتحمل نفقات إزالتها، وفيما يتعلق بالتكاليف الاقتصادية أشار الدكتور خالد عودة إلى أن الدول الأوروبية التى توجد فيها دلتا مثل مصر، وتشترك فى شاطئ البحر المتوسط مثل فرنسا وإيطاليا وأسبانيا من الممكن أن يساهموا فى هذا المشروع، لأنه سيعود عليهم بالفائدة أيضا.
أطلق الدكتور خالد عودة صرخة قوية ووضع حقائق علمية مثيرة من خلال مشروعه، ورغم اهتمام مراكز الأبحاث العالمية المعنية بما توصل إليه، إلا أنه كشف عن عدد من الحقائق الموجعة، أولها أن معظم الجامعات المصرية، وبينها كل الجامعات الخاصة، لم تشتر نسخة واحدة من مرجعه العلمى الفريد، وتساءل: "كيف سيدرسون للطلاب بدونه؟"، ولم يقف التجاهل أو الإهمال عند هذا الحد، بل امتد إلى وزارة البيئة المعنية بهذه القضية، فهى لم تلتفت إلى الموضوع، بل إن وزير البيئة لم يكلف نفسه بالاتصال بجامعة أسيوط التى طبعت أطلس، ولم يتحدث مع رئيسها الدكتور مصطفى محمد كمال الذى قدم له الدكتور خالد عودة التحية، وتمنى لو أن رؤساء الجامعات المصرية مثله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة