لقد ظلمنا الدكتور أحمد زكى بدر كثيرا حينما كان رئيسا لجامعة عين شمس، فالرجل رغم تحويله لها إلى حصن منيع ضد المظاهرات، إلا أنه كان يحمل من الشجاعة والجرأة ليعترف بأنه ينحاز ضد أى حركة احتجاج وكانت موهبة يحسد عليها، بينما الرئيس الحالى للجامعة الدكتور ماجد الديب أظهر لنا موهبة أخرى لرؤساء الجامعة، وهى تلك القريحة الأدبية والتعبيرية التى يتميزون بها، فعندما يصف الديب، مجموعة البلطجية والصيع الذين اعتدوا على الأساتذة والطلاب والصحفيين بأنهم "طلبة غيورون على هيبة جامعتهم" فهو يستحق عن جدارة جائزة نوبل فى الإبداع، إن كان هناك جائزة بهذا الاسم ، وأظن أنه سيكتفى بالوسام الأمنى الذى يضعه على صدره بعد تلك الواقعة المشينة التى حدثت فى حرم جامعته.
ماذا تقول لربك غدا يا دكتور حينما يسألك عمن أدخل البلطجية إلى ساحات العلم؟ هل ستقول له إنهم "طلبة غيورون"؟ هل تشعر بالفخر وأنت تصف تلك المجموعة من المنحرفين وأصحاب السوابق والعواطلية بأنهم "طلبة غيورون"، هل ترضى وأنت أستاذ جامعى أن تجلس أمامهم فى مدرج لتمنحهم جزءا من علمك ؟ هل ترضى لطالب عندك أن يتطاول على زميل لك حتى وإن بدأ هذا الزميل بالاعتداء؟..
ليس هكذا يكون الأمر يا دكتور ، فإذا أردت أن تنفى عن نفسك تهمة اللامبالاة بما حدث عندك، فلا تقع بنفسك فى فخ سخيف وساذج مثل الذى وقعت فيه بمباركتك لهذه الأفعال، يا أخى اعتبرهم ضيوفا عندك وعاملهم كما تجب معاملة الضيوف أم أنك نسيت أصول الضيافة..لا أعتقد أنك كنت ستجرؤ على هذا التصريح لولا أنك سمعت من رئيسك هانى هلال أن الأساتذة هم الذين بدأوا بالاعتداء، حسنا لا تثريب عليكما أنتما الاثنان فكلاكما سيأتى عليه يوم ليتعرض للإهانة على يد "طلبة غيورين" وكما تدين تدان، وأنصحكما قبل هذا اليوم أن تستقيلا.. فربما يرحمكما الله.
العزاء الوحيد للأساتذة المعتدى عليهم أنهم كشفوا للجميع كيف أن أناسا من جلدتهم ودكاترة كبار من زملائهم يباركون البلطجة داخل الجامعة، ويتمتعون بهذا الوجود الأمنى الزائد عن حده فى أروقة العلم، أما عزاؤنا للعزيز محمد البديوى هو أنه أثبت أن وراء هذا الجسد النحيف عزما وإرادة وصدقا لا يعرفهم رئيس جامعة عين شمس فى مواجهته للحقيقة المرة بأن دولة الظلم ساعة، لقد أثبت البديوى أن قهر الرجال ليس بالاعتداء عليهم والتنكيل بهم، ولكن الرجال يقهرون حينما يكذبون على أنفسهم ويرضون بالحق باطلا والباطل حقا.