خلال يوم واحد سقط مصنع من ثلاثة طوابق فى الإسكندرية، وقُـتـل عدد من عماله، ما يزال غير معروف لأنه تم استخراج مصابين حالتهم خطيرة، فضلاً عن أربع قتلى. وبعد ساعات انهار منزل من خمس طوابق فى المحلة الكبرى، قـتلت طفلة وجُـرح آخرون، وينتظر استخراج مزيد من الضحايا بعد استكمال البحث.
المنزل والمصنع سقطا فوق رءوس من فيهما، وواضح أنهما آيلان للسقوط، بينما المحافظة فى كل من الإسكندرية والغربية قررت تشكيل لجان للوقوف على أسباب الانهيار، وسوف تجتمع اللجنة هنا وهناك، وتعلن أن المبنى آيل للسقوط وصدرت له قرارات إزالة لم تنفذ. ولن يعرف السبب حتى يبطل العجب، لأن السبب معلوم قبل اللجنة وبعد المطر وقبل الفجر.
قد يكون سوء الأحوال الجوية مبرراً لتفسير سقوط المنزل والمصنع، مع أن الأحوال الجوية بريئة من إسقاط منازل منهارة أصلا أو كانت ستنهار فى كل الأحوال. وبريئة من إهمال وفساد الإدارات الهندسية، والمحليات، ومجالس الأحياء والمدن. وبريئة من دماء الضحايا الفقراء الغلابة الذين سوف يحصل الميت منهم على عدة آلاف جنيه، والجريح على ألفين أو ثلاثة. الأحوال الجوية بريئة من القتل، ومن إغراق الشوارع وقطع الطرقات، المسئول هو الإهمال والتجاهل.
الأحوال الجوية قطعت الأمطار الطرقات فى مناطق مختلفة فى الإسكندرية بعيداً عن الكورنيش، وانسدت مواسير الصرف واختفت البلاعات، وفى محافظات الوجه البحرى انسدت الشوارع وغرقت فى مياه المطر كالعادة، لأن البلاعات إما غير موجودة أو مسدودة. وإذا كانت محافظتا الإسكندرية والغربية شكلتا لجاناً لبحث أسباب انهيار مبان منهارة، فإن المحافظات لن تعقد لجان لبحث أسباب غياب البلاعات وتحول الأمطار إلى برك ومستنقعات. والمجالس الشعبية المحلية سوف تجتمع ولن تناقش أسباب الانهيارات أو انسداد البلاعات، لأنها أمور قدرية لا تدخل ضمن مهام المجالس الشعبية التى تجلس وتبحث وتتناقش وتنصرف.
وربما تكون قضية البلاعات إحدى القضايا المحورية لمجلس الشعب بتشكيلته الجديدة، وبأغلبية تاريخية للحزب الوطنى الذى لا يعتبر موضوع البلاعات محوريا، أو أساسيا، خاصة وأن الانسداد فى الحياة السياسية يتم بطريق التسليك التقفيلى، والمجلس الموقر لا يمكن أن ينشغل بالبلاعة وينسى القضايا المهمة التشريعية والتصفيقية حتى لو كان انسداد البلاعات يمكن أن يؤثر على مسيرة النواب من وإلى منازلهم ودوائرهم.
وبالعودة إلى انهيار مصنع الإسكندرية ومنزل المحلة وانسداد بلاعات المحافظات، الأمر كله يدخل فى سياق الفكر الجديد، ولا يمكن أن يؤثر الانسداد فى القاهرة والإسكندرية والمحافظات، على مسيرة الحزب نحو المستقبل.