للصديق الكاتب الصحفى البارز عبد الله السناوى، الذى قدم استقالته من رئاسة تحرير العربى قبل أيام أفضال على أجيال صحفية عديدة عملت معه، بدءاً من رئاسته لقسم الشئون العربية فى مجلة الموقف العربى وجريدة صوت العرب برئاسة الأستاذ الفاضل عبد العظيم مناف، فى إصدارهما الأول فى الثمانينيات من القرن الماضى، ثم رئاسته لقسم الشئون العربية فى جريدة العربى منذ تأسيسها عام 1993، وأخيراً رئاسته لتحرير الجريدة عام 2000.
وأنا واحد ممن يدينون بالفضل لعبد الله السناوى، الذى لا أنسى يوما وهو يتحدث عن كفاءتى الصحفية للأستاذ عبد العظيم مناف فى موضوع كنت أنجزته باقتراح تقدم به أستاذ الصحافة الراحل كامل زهيرى إلى مجلة الموقف العربى، وكان فى انتفاضة الحجارة الفلسطينية الأولى، وكان الموضوع حواراً مع سيدة فلسطينية عائدة من الأرض المحتلة، وقابلت زهيرى على الطائرة وقصت عليه بطولات كبيرة من الفلسطينيين، خاصة من المرأة الفلسطينية التى ظلت ظهيراً طاهراً وعنيداً للشباب والأطفال الفلسطينيين الذين كانوا يخرجون صباح كل يوم، ليواصلوا يومهم النضالى ضد المحتل الصهيونى الغاصب.
ورغم أننى لم أكن أعمل بانتظام فى "صوت العرب" إلا أن الصديق الكبير عبد الحليم قنديل رشحنى لإنجاز الحوار، وبالفعل أنجزته كشهادة من الأرض المحتلة لم تأتِ بها الصحافة المصرية حتى وقت إنجاز الحوار، لكن شيئاً ما عطلنى عن تقديم الموضوع فى موعده للدفع به فى العدد الجديد من صوت العرب التى كانت وردة الصحافة المستقلة والمعارضة أيضا وقتئذ، وأغضب ذلك الأستاذ عبد العظيم مناف ومعه كل الحق، لكن عبد الله السناوى خفف من حدة الموقف، وقال كلاماً طيباً فى حقى المهنى والإنسانى حتى تهدأ العاصفة، وعلمت من غيره بما قاله، بعد نشر الموضوع الذى ما زلت أحتفظ به فى أرشيفى الشخصى حتى الآن، ولما علمت بما قاله توجهت إليه فى مكتبه لأشكره، فأعطانى نصيحته الثمينة بقوله: "لا تدع الظروف مهما كانت تؤجل إنجازك الصحفى ما دام مكتملا حتى لا يخطفه غيرك، وحتى لا تعطى انطباعاً سلبياً عنك، وأنت فى بداية حياتك المهنية".
عملت بهذه النصيحة الغالية التى تبدو عادية، لكننى كنت أحتاج إليها فى بداياتى، والمؤكد أن عبد الله السناوى لا يتذكرها الآن، ليس من باب النسيان وإنما من باب فضائله الكثيرة على من عملوا معه، وفى جريدة العربى، كان موعدنا اليومى معه أنا وأصدقاء من جيل واحد أصغر منه سناً، مثل أكرم القصاص، وطلعت إسماعيل، وعماد الدين حسين، وعادل السنهورى، ووائل قنديل، والمرحوم الغالى فتحى عامر، وسعيد شعيب، وآخرين.
وتجلت موهبته أكثر هو وعبد الحيلم قنديل حين توليا معا رئاسة تحرير العربى، فرفع سقفها السياسى إلى الدرجة التى تحولت إلى قبلة المعارضين فى مصر، ورغم ظروف الجريدة الصعبة مالياً إلا أن الكل كان يشعر فيها بدفء المكان المستمد من دفء السناوى نفسه، ضرب عبد الله نموذجاً إنسانياً رائعاً فى رئاسته للتحرير التى أدارها فى ظروف حزبية كفيلة بإفشال أى تجربة، لكنه قاد السفينة برضا عام منه ومن الذين عملوا معه على حلو الظروف ومرها، ورغم تشدد الخط المعارض للعربى إلا أنه كان حريصاً على نظافة الخطاب المعارض للجريدة، فلم نرى منه خوضاً فى الأعراض رغم أن الكثير من الموضوعات المعبرة عن ذلك، وقعت فى يديه لكنه كان يرفضها رغما عن إغراءات التوزيع، فتحية له وفى انتظار قبلة مهنية جديدة يعطى فيها أكثر مما أعطى فهو كفء لذلك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة