سبعة أقباط من أصل عشرة معينون بقرار جمهورى ضمن نواب مجلس الشعب الجديد، لم يلقوا استحسان الكنيسة وقياداتها، ولم يلقوا قبولاً لدى أقباط المهجر لا لشىء سوى لأنهم حكوميون أو من رجال النظام. فضلاً عن وجود المفكر جمال أسعد ـ المحسوب على التيار الناصرى ـ بينهم، والذى يعتبره كثيرون من رجال البابا شنودة "قبطياً ضد الكنيسة".
محاولة الرئيس مبارك فى احتواء الاحتقان الذى لحق بأحداث العمرانية إذن لم تأت الأثر المرجو منها، والسبب أن سقف مطالب الكنيسة من الدولة ربما فاق ما يمكن قبوله سواء لدى الدولة أو الغالبية المسلمة. فمطلب الكنسية الأوحد فى الوقت الحالى ليس إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، وليس التعجيل بوضع قانون جديد للأحوال الشخصية والمدنية لغير المسلمين، وإنما الإفراج عن معتقلى أحداث العمرانية الذين يزيد عددهم عن 150 شخصاً.
أتفهم جيداً أن للأقباط مطالب مشروعة، وأعترف مسبقاً بأن لهم حقوقاً يجب الاعتراف بها، لكن ما لا يمكن قبوله هو تعارض تلك المطالب مع الأمن العام، فاحتجاز موظفين حكوميين داخل مقار عملهم بحى العمرانية لا يمكن وصفه بما يقل عن "الاعتداء على هيبة الدولة"، وتكسير مقر محافظة الجيزة والاعتداء على أفراد الأمن الخاص بالمبنى جريمة لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن الاستناد إلى منع بناء كنيسة لمخالفة التراخيص كمبرر منطقى لها، كذلك لا يمكن بأى شكل من الأشكال تقدير تحرك الجموع القبطية التى فاقت الـ200 قبطى فى الساعة 7:40 صباح يوم الحادث بما يقل عن وصف "المؤامرة".. بالتالى فإن طلب الإفراج عن معتقلى العمرانية، واستنكار وفاة قبطيين خلال تلك الأحداث يعد ضرباً من الجنون.
قبل أيام وفى الزميلة "المصرى اليوم"، قال الدكتور راضى عطا الله إسكندر، راعى الكنيسة الإنجيلية بالعطارين، تعليقاً على تعيينات مجلس الشعب: "لا نريد أقباطاً فى وظائف رسمية بمجلس الشعب، وإنما نريد مصريين لديهم أمانة ومسئولية"، مطالباً باستبدال هؤلاء الأقباط بمسلمين يتمتعون بـ"الضمير الحى"، كذلك أنزل العديد من قيادات الأرثوزوكس فى مصر اللعنات على السبع أقباط الذين جاءوا ضمن تعيينات مجلس الشعب.
المفكر جمال أسعد ـ المحسوب على التيار الناصرى ـ وأحد النواب الأقباط المعينين، طاله كثيراً من الهجوم، رغم أنه ليس من رجال أمانة السياسات بالحزب الوطنى، وليس وزيراً ولا صلة له بالحكومة، وكثيراً ما يتبنى مواقف وآراء معارضة للنظام وربما للرئيس مبارك نفسه، لكنه فى الوقت ذاته أحد أبرز المنتمين لمدرسة منع تدويل ملف الأقباط، وربما ذلك ما دفع رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة مايكل منير لوصفه بأنه سيكون "نائب الإخوان فى البرلمان"، لكن لا يمكن عتاب السيد منير على رأيه، فهو رجل اختار العمل السياسى تحت غطاء حماية الأقليات، أما الكنيسة فيمثلها كهنة ورجال دين يعيشون على أرض مصر وتحت سمائها ـ وربما ـ أصبحوا يطمعون فى تكليل الزعامة الدينية بمناصب سياسية أو إملاء المختارين والمستبعدين فى تعيينات مجلس الشعب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة