مع كل انتكاسة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تظهر لنا خرافة يعتقد بعض الناس أنها معجزة، رغم إيمانهم الكامل بأن عصر المعجزات قد ولى وانتهى ولن يعود.
ولم أستغرب كثيرا عندما خرج علينا عدد من مريدى الإمام الحسين ابن على رضى الله عنهما ليؤكدوا أن الحسين ظهر فى ساحة مسجده، ولم أندهش عندما خرجت شائعة ظهور السيدة مريم العذراء فى كنيسة الوراق وتوافد الآلاف فى انتظار قدومها، بعد أيام قليلة من شائعة ظهور سيدنا الحسين.
والملاحظ أن ترويج مثل هذه الشائعات جاء مباشرة بعد الانتكاسة السياسية فيما عرف بانتخابات مجلس الشعب الأخيرة، التى كان ضحيتها المواطن الغلبان الذى دائما ما يهرب من انتكاسته السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى عالم الأسطورة والمعجزات لعله يجد فيهما الحل الحقيقى لمشاكله المتكررة، التى لم يستطع حلها.
لقد ربط البعض أن السبب وراء ظهور السيدة مريم أو الحسين أو احد أولياء الله الصالحين للمصريين يكون الهدف منه تعزية لمصر بعد كل هزيمة أو نكسة يتعرض لها المواطن المصرى، وهو ما أكده البابا شنودة عندما أشار فى حديث له عقب ظهور السيدة مريم عام 68 عقب نكسة يونيو 67 إلى سبب هذه الظهورات وسبب مجيئها فى ذلك العصر، قائلا «نحن لا نتحدث فى الظهورات نفسها ولكن فى سبب مجيئها، وإذا كان الرئيس جمال عبدالناصر قد شاهد بنفسه ظهور السيدة العذراء فهذا يؤيد الفكر الذى أقوله بأن مصر كانت تحتاج إلى تعزية خاصة من الناحية السياسية بعد نكسة 1967م، وإشعار مصر أن هناك مساعدة من الأرواح المقدسة التى صعدت إلى الرب، خصوصاً من العذراء التى يعتقد فيها المسلمون قبل أن يعتقد فيها المسيحيون.. يعنى فى الإسلام الله يفضلها على نساء العالمين، فهى من الناحية السياسية تعزية لمصر بعد النكسة».
ولو صدقت الروايات الأخيرة حول ظهور الحسين فى مسجده أو أن هناك ظهورا ثانيا للسيدة مريم فى كنيسة الوراق فإننى على يقين أن كليهما جاء من العالم الآخر لكى يقدما العزاء للمصريين فى هزيمة الديمقراطية بعد مهزلة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وهذا هو التفسير الوحيد لمثل هذه المعجزات التى يؤمن بها هذا الشعب الطيب مع كل انتكاسة تحدث له.
وإذا كان الترويج لظهور أولياء الله الصالحين والقديسين يخفف الضغط النفسى لدى الملايين، فالله يكون فى عون هذا الشعب المقهور الذى يبحث عن حل سحرى لكل مشاكله فى ظهورات أولياء الله الصالحين والقديسين.
فلا ظهور السيدة مريم سيحل أزمة الوطن، ولا تجلى الحسين سيعيد للمواطن كرامته، وربما استمرار إيماننا بمثل هذه المعجزات هو الذى سيؤدى إلى المزيد من الهزائم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لأننا سنظل نحلم بأن الحل فى تجلى السيدة مريم أو ظهور سيدنا الحسين. > >
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة