يجب ألا يمر مرور الكرام القرار الذى اعتمده مؤخرًا مجلس النواب الأمريكى بالإجماع ويقضى بإدانة إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، مما يعنى حصار الشعب الفلسطينى بين العدوان الإسرائيلى المستمر الذى يبتلع أراضى الضفة الغربية والقدس فى القلب منها قضمة بعد أخرى، وبين التخاذل العربى الذى سلم الملف بكامله للخارجية الأمريكية.
جاء هياج مجلس النواب الأمريكى لدرجة اعتماده هذا القرار المنحاز البغيض بالإجماع ودون تصويت، فى الوقت الذى أعلنت فيه الإدارة الأمريكية عجزها عن منع إسرائيل من وقف الاستيطان، و بعد أن قادت دول لها ثقلها مثل البرازيل ومعها الأرجنتين وأورجواى مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وهو ما دفع عددًا من الدول للحذو حذوها، بينما انتظرت جامعة الدول العربية كعادتها الإشارات الغامضة التى يحملها المبعوث الأمريكى جورج ميتشيل.
فى المقابل، فشل اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية فى اتخاذ أى قرار لمواجهة مجلس النواب الأمريكى أو صلف حكومة نتنياهو التى تدشن مشاريع الاستيطان بسرعتها القصوى دون أى محاذير، فقد انقسم أعضاء اللجنة بين الذهاب لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلى، أو الإحجام عن تلك الخطوة خوفًا من الفيتو الأمريكى، فيما علق مندوبو بعض الدول على الاجتماع بأنه مجرد غطاء لفشل السلطة الفلسطينية فى رام الله وخيارها بالتفاوض مع حكومة نتنياهو.
إجمالا، لا تعمل جامعة الدول العربية على اتخاذ مواقف جادة من الصراع العربى الإسرائيلى، حتى لا تغضب واشنطن، فالدول الأساسية بالجامعة لا تستطيع سوى التنسيق مع الغدارة الأمريكية، ولذلك نرى الجامعة تهدد كأقصى تحرك لها باللجوء إلى مجلس الأمن، بينما تدرك جيدًا أن اللجوء لمجلس الأمن ليس هو الخطوة المناسبة، ولا يصح أن تكون وسيلة ضغط أو ورقة تفاوض فى أيدى العرب.
الورقة الوحيدة فى يد العرب هى استغلال تعاطف ثلثى دول العالم مع القضية الفلسطينية، ليس فقط لإعلان الدولة الفلسطينية للمرة الثالثة، ولكن للذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة بعيدًا عن الفيتو الأمريكى، وتحت مظلة القرار الأممى لعام 1950 والمعروف باسم الاتحاد من أجل السلام، حيث يمكن للعرب استصدار قرار جديد عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد اكتسابها جميع صلاحيات مجلس الأمن، بإلزام إسرائيل بمنع الاستيطان وتسليم الفلسطينيين المستوطنات المقامة داخل حدود الرابع من يونيو 1967.
قد يرى البعض أن مثل هذا القرار مجرد حلم، وأن الدول الكبرى ستقف فى مواجهته، لكن الحلم فى قضية عادلة مثل القضية الفلسطينية، ومع توافر التعاطف والدعم لها من معظم دول العالم، ولا يبقى سوى الإرادة والعمل سلاحين بأيدينا نحن العرب، أو إعلان استسلام الأنظمة والحكومات العربية وترك الأمر للشعوب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة