المهزلة التى جرت فصولها فى الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية 2010 يوم الأحد الماضى تعكس بصدق مقوله إن الشعب المصرى دائما هو شعب مفعول به، شعب لا يملك الحق حتى فى الذهاب إلى دائرته الانتخابية لاختيار من يمثله، شعب تم تأميم صوته منذ سنوات طويلة لأسباب مختلقة ومفتعلة، تارة بدعوى أنه لاصوت يعلو فوق صوت المعركة، وتارة أخرى تحت زعم أن شعبنا مازال قاصرا، ولا يتحمل الجرعة الكاملة من الديمقراطية. فالحكومة تخشى على شعبها من مرض الحرية باعتباره مرضا معديا، ولهذا فهى حريصه على أن تبعد هذا الشعب عن أى صندوق انتخابى لأنه مصدر العدوى الوحيد للديمقراطية التى أصبحت بالفعل بعيدة المنال، بعد السيناريو الأسود الذى جرت أحداثه الأحد الماضى، ومن المؤكد أنه سيتكرر الأحد القادم، فيما يطلق عليه سيناريو الإعادة.
لقد رفعت كل القوى السياسية التى شاركت فى سيناريو الأحد الأسود شعارها الغريب والمريب والجديد على الساحة السياسية وهو «التسويد والتقفيل إصلاح وتهذيب»، ولتحقيق هذا الشعار أريقت الدماء، وتم إرهاب كل المواطنين حتى لايتجرأ أى مواطن على الاقتراب من لجان الانتخابات، وكأن حال من أراد تسويد البطاقات الانتخابية أن يقول لهذا الشعب «لماذا تذهب وترهق نفسك.. نحن سنسوّد ونزوّر حتى لو جلست أمام لجان الانتخاب من الثامنة صباحا حتى السابعة مساء».
والكارثة أن الجميع سوّد وحرق وسرق الأوراق الانتخابية، بل طارد المواطنين من أمام اللجان بالإسلحة النارية والبيضاء، وإذا كان مرشحو الوطنى لهم نصيب الأسد فى هذه الجريمة، فإن هناك مرشحين من الإخوان والأحزاب السياسية والمستقلين قد شاركوا فى هذه المهزلة، والدليل تبادل الاتهامات بين جميع الأطراف، الكل يحاول أن يخدع نفسه بأن الآخر وراء تخريب العرس الديمقراطى، والحقيقة أن الجميع اغتالوا الوطن والمواطن وذبحوا الديمقراطية بسكين بارد، ولم يبكِ عليها أحد، الجميع ارتكب كل الخطايا فى يوم الأحد الأسود، لم يراعوا عقلية المصريين الذين فطنت الأغلبية العظمى منهم إلى أنها معركة لا ناقة لهم فيها ولاجمل، ولهذا لم يصوّت فى الانتخابات سوى 25% فقط من عدد الناخبين والكارثة أن 90% من هذه النسبة تم تسويد بطاقات انتخاباتهم، وهو مايؤكد أن نسبة من دخل وصوّت لاتتجاوز 5% من هذا الشعب، وهى الحقيقة التى يعرفها الجميع، ولكنهم يخشون البوح بها.
لقد انتصرت سياسة التسويد يوم الأحد الأسود، وشارك فيها الجميع، ولن يختلف الأمر كثيرا الأحد المقبل، ولكن شكل المعركة سوف يختلف، فأغلب من سيدخل الإعادة هم من مطاريد الحزب الحاكم فى مواجهة مرشحى الحزب، ولذا فإن اللعبة الانتخابية سوف تختلف لأن الجميع يعرف طريقة التسويد والتقفيل. > >
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة