رغم أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة قد حسمت الانتخابات الرئاسية القادمة لصالح الحزب الوطنى أياً كان المرشح الذى يقدمه الحزب، فقد كان المؤكد أن الحالة الوحيدة التى تضمن للحزب الوطنى الفوز بانتخابات الرئاسة القادمة أن يقدم مرشحاً بوزن الرئيس مبارك له رصيد وتاريخ كبير فى العمل الوطنى، وبالتالى لم يكن مهما من يترشح للانتخابات من المعارضة التى يمكن أن تقدم شخصيات لها تاريخ قادرة على خوض انتخابات بشكل حقيقى ومقنع للرأى العام، كما حدث فى الانتخابات 2005 التى خاض فيها الرئيس مبارك مع عدد كبير من المرشحين الحزبيين، كان أبرزهم الدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد والدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد.
المأزق الذى صنعته الانتخابات البرلمانية الأخيرة هو أنها فى الحقيقة جعلت الانتخابات الرئاسية القادمة أقرب إلى المسرحية منها إلى انتخابات حقيقية، بعد استبعاد أحزاب الوفد لانسحابه، والتجمع الذى يرفض تقديم مرشح، والحزب الناصرى الذى يعانى من أزمات داخلية.
ومع الفشل الذريع فى الانتخابات الأخيرة فإنه لم يتبق إلا حزب الغد الذى يمثله موسى مصطفى موسى، وحزب الجيل الذى يمثله الأستاذ ناجى الشهابى، وحزب العدالة الاجتماعية الذى يمثله الدكتور محمد عبدالعال، وحزب السلام الديمقراطى، ومع كل التقدير لهذه الأحزاب وقياداتها إلا أنها فى الحقيقة لا تستطيع أن تقدم مرشحا للانتخابات الرئاسية القادمة، يتمتع بقدر من القبول أو القدرة على خوض غمار المعركة الانتخابية الرئاسية، يستطيع أن يعطى لها زخماً يجعلها مقبولة داخلياً وخارجياً، وبما يؤدى إلى إضفاء قدر من المشروعية على الانتخابات الرئاسية القادمة. ولا أتحدث هنا عن المشروعية القانونية التى قد تتوافر بشكل أو بآخر، وإنما أتحدث عن المشروعية السياسية لاسيما بعد أن تأكد لدى أغلب القوى السياسية فى مصر أن البرلمان المصرى فى الحقيقة يفتقد المشروعية وليس فقط بسبب أعمال التزوير واسعة النطاق التى شهدتها الانتخابات، ولكن أيضا بسبب عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن محكمة القضاء الإدارى قبل إجراء الانتخابات بوقف إجراء الانتخابات وبطلان إعلان النتيجة بعد إجرائها.
وفى الحقيقة فإن إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة لمرشحين يتم تقديمهم للترشيح استنادا إلى عضويتهم فى هذا البرلمان يضع علامات استفهام كبيرة على مشروعية الانتخابات الرئاسية القادمة.
المخرج يكون بمبادرة الرئيس الذى يتمتع بالشرعية الآن فى مصر بالالتزام بتطبيق أحكام القضاء الإدارى، وبالتالى إلغاء نتيجة الانتخابات فى الدوائر التى صدرت أحكام ببطلان إعلان النتائج فيها، وإعادة الانتخابات فى هذه الدوائر، والحل الآخر هو تعديل جديد للمادة 76 من الدستور بشأن الترشيح للانتخابات الرئاسية بما يفتح الباب لمرشحين مستقلين من قيادات مصرية لديها تاريخ وطنى، وقادرة على إدارة انتخابات تنافسية حقيقية تعطى مشروعية لمنصب الرئاسة الرفيع وتصلح ما أفسدته الانتخابات البرلمانية. > >