قالت وهى تصرخ وتبكى بصوت عالٍ خلال اتصالها التليفونى بى.. "أبى عاش مظلوماً.. ومات مظلوماً.. حرام عليكوا تكتبون فى صحافتكم وعلى الشاشات التليفزيونية أنه مات وحيداً ووجد ملقياً على الأرض فى شقة مفروشة"، ثم قالت أنا سارة ابنة المهندس محمد الملاح.. وأبى رحمه الله كان يقول عنك إنك رجل لا تعرف سوى كلمة الحق.. ودوماً كان يستشهد بك أمامى، ولذا فقد لجأت إليك واتصلت بك، لأننى أطمع أنك ستنصفه فى مماته بعدما أهالوا عليه التراب وهو حى.. ورغم كل ما قدمه من جهد وعرق وأفكار يعرفها الجميع فى نادى الشمس.. كان هو النادى الذى أدخله فى النفق المظلم دون جريمة يرتكبها ولكن سامح الله الجميع.
فقلت لها أزعم أن ما تم نشره من خلال موقع "اليوم السابع" كان منصفاً وعادلاً لتاريخ والدك الذى لا يستطيع أن ينكره أحد، سواء عندما كان أحد القيادات الطلابية بكلية الهندسة عين شمس أو حتى بعدما أنهى دراسته وعمل فى مجال الهندسة، وظهرت نبوغاته حتى رست به الحياة فى نادى الشمس الذى أحبه وعشقه عشقاً بلا حدود، وأعطاه وقتاً وجهداً غير مسبوق، حتى إننى كنت أطلق عليه شيخ عرب رؤساء الأندية، وكنت أتعجب وأندهش أحياناً كثيرة من هول الالتفاف حول شعبية الملاح التى لم يتمتع بها فى الأندية الرياضية سوى المايسترو صالح سليم فى الأهلي.. وإذا كانت شعبية المايسترو خلال تاريخ طويل سوى لاعب أو مدير للكرة ثم عضو بمجلس إدارة حتى رئاسة القلعة الحمراء، إلا أن شعبية الملاح جاءت لإعطائه كل الوقت لهذا النادى العريق حتى أن الجلسة المفتوحة أو الندوة الشهيرة التى كان يعقدها كل جمعة عقب الصلاة مباشرة.. منتدى ديمقراطى كبير تستمتع وأنت تسمع الآراء والانتقادات وأحلام الأعضاء لناديهم وتجد الملاح يستمع بإنصات رحب وتدوين الملاحظات.
نعم كان المهندس محمد الملاح له كاريزما شعبية غير مسبوقة حتى إن تلك الشعبية ألهبت صدور البعض ضده وجعلت بعض السياسيين يحاولون عرقلته، خوفاً أن تزداد طموحاته حتى أن البعض فسر أن نجومية هذا الرجل هى التى تعرقله، وللحق بأنه كان يتصرف بطبيعته الطيبة التى لا يبغى من شىء سوى المساهمة والمساعدة، ووضع النادى العريق على خارطة الطريق للأندية العريقة، ولا أحد ينسى الأزمة الكبرى التى تصدى لها بسبب أرض الجياد التى كان يأمل أن تعود إلى حضن النادى الكبير، ولكن الأمراء والأكابر وأصحاب السطوة الكبرى داسوا على حقوق وأحلام الملاح.
وأخيراً أقول لابنتى سارة الملاح.. لا تحزنى ولا تردى على الذين كتبوا بالخطأ.. فالجنازة الكبرى ثم العزاء الكبير الذى حضره كل أطياف البشر كانا أكبر دليل على المحبة والاعتزاز بهذا الرجل، نعم هذا العزاء أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أحكام الحكومة ورجالها على الشخصيات تناقض وتختلف طول الوقت مع أحكام وآراء الشعب والدليل الأكبر جنازة وعزاء الملاح.. رحم الله هذا الرجل وألهم أسرته الصبر والسلوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة