محمد فودة

محمد فودة يكتب.. حقًا.. عمرو دياب أسطورة هذا الزمان

الجمعة، 24 ديسمبر 2010 01:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم أشعر بمثل هذا الارتقاء الفنى والسمو الروحى، ومثلما عشت هذا الحفل، فعلى قدر ما رأيت من احتفالات موسيقية، إلا أننى مارأت عينى وما سمعت أذنى بمثل هذا الإبداع والتفاعل الحى مع الجمهور كان الجو دافئا برغم برودة الطقس، وأغانى عمرو دياب تأخذنى إلى قمة السحب، وتسقط بى موسيقى فوق أحلام الشباب، وكلماته تمس العقل قبل القلب.. إنه عمرو حين يغنى، قمة الإحساس والتجاوب مع الجمهور، الأغانى الحميمة دافئة تطرد البرد القارص، وتبقى فى الوجدان ساكنة تشهد لهذا النجم المتوهج دائما.. تحس بأن هناك كيمياء غريبة تجمع بينه وبين جمهوره، وأن هذا الكيمياء هى التى تستخرج من الناس مشاعر جديدة وعواطف غير المعروفة وتحنو على أعصابهم فى هدوء.. ونشوة، حالية من التلاقى بين الأرواح، ولا نجدها إلا عند هذا العملاق الذى تخطى الأساطير، وصنع لنفسه كيانا خاصا ومكانة أسرنى عمرو دياب فى حفلته الأخيرة التى أقيمت منذ أيام فى جامعة المستقبل، تجمعت فى هذا الحفل كل مقومات التألق والعالمية، وقف عمرو شامخا فوق المسرح تتعالى أغانية لتعلن عن تزاوج ربات الفنون والموسيقى والشعر واستقلالية الشخصية.. وصل إلى القمة حاملا معه الجماهير التى وصلت إلى خمسين ألف أغلبهم من الشباب اندمجوا حتى المعايشة معه.. وخاضوا فى أدق مفردات أغانية.. وأعادوها بين أنفسهم، "هذا هو الفن".. قلتها بين وبين نفسى.. وعادت ذاكرتى إلى سنوات بدايات عمرو دياب، ليتأكد أن نجاحا بهذا الحجم الضخم لا يكن أن يولد من فراغ.. وأن هذا السيادة ما كانت إلا من خلال رجل يعرف ماذا يريد.. ادخر دياب من قيمة التراث الشرقى الشرقى المصرى العربى، براعة الاستهلال، وتقديم الأغنية على نمط يبدأ من محاكات وينتهى إلى إيقاع قوى.. قيمة عمرو دياب أنه يعرف مساحات الثراء فى الأغنية المصرية وكيف يجدها ويدعمها ويحتفظ دائما بشبابها حتى تصل إلى الناس طازجة دافئة بدون شوائب وهذا سر خلود أغانية، فكل أعمالة تعيش مع الآذان والوجدان نجح عمرو ببراعة فى الوصل إلى أعلى حالات الأغنية المصرية شكلا ومضمونا.. فكان همة الأول والأخير هو تحديث الطرب المصرى سواء من ناحية الموسيقى أو اختيار الكلمات الحميمة التى تعبر عن شباب مصر فى تطوير دائم ولهذا فهو يفاجئنا بكلمات أغانيه التى تصلى لكل لكل المحبين.. ونعيش معها فى حالة حب دائم فهى تمثل العشق والوداع والفراق.. هو ساحر لا يتوقف عند نجاح أو يرضى بأى تألق.. إنه كالشهب الملتهب المنير لا تطفئه رياح بل تزيده قوة وصمود وتحد، وإنه حريص على النجاح وعلى احترام جمهوره، ولهذا فهو يجنى باستمرار حب هذا الجمهور له.. حفل عمرو دياب الأخير وأحد من أجمل حفلاته.. فعلى مدار ثلاث ساعات غنى عمرو مثلما لم يغن من قبل، حالة إبداعية خاصة لم أشاهد مثلها من قبل، لأول مرة أشاهد حفلا له بين الجمهور، وأحس بهذا التلاحم بين الطرفين- الفنان والجمهور- واستوقفنى التدافع على عمرو.. وقد وفرت جامعة المستقبل كل الإمكانات حتى يظهر هذا الحفل فى أبهى صوره، حتى فاق كل التوقعات.. عمرو كاريزما خاصته وقناعة فنية ترتقى فوق كل وصف وتجاب مدهش مع مشاعر ومتطلبات المتلقى.. كم كان متمازجًا جامع هوى الشباب فى حالة شديدة الوجد والبهاء والرومانتيكية، تتسلق الموسيقى عتبات الروح وتسيطر على خلايا الجسد حتى تتحول إلى جيل من العشق، وتتجمع حوله النفوس العطش للحب، هذه هى غايته أن تكتمل الصورة التى طالما يحرص على أن يرسمها بأدق شكل وأجمل لون وأرقى حالة، إنه سيد اللحن دون منازع وملك الطرب عليه ترتقى الأغنية وعلى جناحية تستقر على قمم الجبال، وترمى أنعامها كل المطر المنساب، وهذا التراث الذى بين، يدينا يضمن لنا مساحة من الأرض الخضراء تنبت دائما ولا تعرف البوار، وسط هذا الحشد الرائع الذى تجمع فى هذا المكان، كلنا كان يسأل كيف تستوعب جامعة المستقبل هذا الكم من الجماهير، هذه التظاهرة التى تحولت إلى بحر من المشاعر الجياشة، وحينما ترتمى العيون بعيدا كى تستلم من الأفاق فجرا جديدا.. عمرو دياب أسطورة تتفجر حولها الشموس، وتتطاير نورًا ونارًا وخلودًا.

نقلاً عن مجلة كلام الناس







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة