من حق الحزب الوطنى أن يعاير أحزاب المعارضة بصراعاتها الداخلية وتفككها وانعدام تأثيرها فى الشارع، من حقه فعلاً أن يسخر من قياداتها وكوادرها، وأن ينفى ما يتردد من وجود جلسات للحوار أو التنسيق معها، ينسق مع من؟ مع هواء؟
من يقرأ بإمعان خطاب قيادات الوطنى فى المؤتمر السابع يلمس هذا الحس الاستعلائى والاستخفاف بجميع الأحزاب الموجودة على الساحة، والتعامل معها بنوع من الوصاية التى يمتلكها المنتصر فى المعركة على المهزومين شر هزيمة، فالدعوة إلى "نسيان الجراح" والالتفات إلى المستقبل، الموجهة إلى المعارضة، ومعها توصية قاسية بضرورة الالتفات إلى ما يشغل المواطن بدلاً من الانشغال بالصراعات الداخلية التافهة، هى ما يمكن أن يقدمه الوطنى المكتسح لكومبارس المعارضة!
أسمع من يقول إن الوطنى فاز بالتزوير فى الانتخابات وإن رائحة "طبخ" النتائج فاحت فى الخارج قبل الداخل، حتى إن المجلس القومى لحقوق الإنسان اعترف فى تقريره الأخير بوجود تسوية وبلطجة وعنف، أى أن اكتساح "الوطنى مشكوك فيه وتطاوسه على بقية الأحزاب التى خلقها ربنا لا مبرر له".
وأسمع من يقول بأن "الوطنى" مسئول عن إضعاف أحزاب المعارضة وذهاب ريحها وهوانها على الناس، وأنه من أطفأ النور عليها فى الشارع وأنه، أى "الوطنى"، رغم ذلك سعى حثيثاً لعقد الصفقات والحوارات وجلسات التطبيع مع الأحزاب خلال السنوات الماضية!
وأسمع من يقول بأن التداخل بين "الوطنى" وأجهزة الدولة التنفيذية لم يدع للعمل السياسى الحقيقى مكاناً فى مصر، إن هى إلا تعليمات أبلغتموها فنفذتموها صاغرين، وإن هى إلا أقوال لقنتموها فأطلقتموها فى المناسبات، وخطط ألقيت عليكم من الأدراج، فشرعتم فى استعراضها دون اقتناع من المواطنين.
وأتفق معكم جزئياً فيما ذهبتم إليه، لكن أين هى أحزاب المعارضة، وأين خططها ومشاريعها وبرامجها؟ نريد تنظيماً حزبياً معارضاً يقدم مشروعات ولو خارجة من الأدراج، نريد برامج مستقبلية بها ما يمكن أن يجعل من هذا البلد أكثر تقدماً ومدنية، ليس بالشعارات ولكن بالدراسات المعمقة فى جميع المجالات.
هل قدم الحزب الناصرى مشروعاً متكاملاً مثلاً للتعامل مع أزمة المياه الخانقة فى مصر؟ وهل تصدى "التجمع" لمشروع متكامل للارتقاء بالزراعة المصرية؟ وهل يملك "الوفد" رؤية بديلة لحل مشكلة البطالة؟ وهل نثق فى قدرة "الجبهة" على وضع خطط لدفع عجلة الاستثمار واجتذاب المزيد من رءوس الأموال؟ وماذا سيفعل حزب مثل "الأحرار" أو "التكافل الاجتماعى" فى حالة تشكيله الحكومة أو المشاركة بها؟
وهل تملك الأحزاب السياسية المعارضة حضوراً فى الشارع أم هى أحزاب جرائد؟ هل تعمل أحزاب المعارضة على توحيد صفوفها وإعادة بناء كوادرها والدفاع عن حقها فى العمل السياسى، أم تكتفى بالانشغال بصراعات تافهة واحتكار السلطة، وتنتظر فتات الامتيازات التى تتلقاها من الحزب الحاكم!
أعتقد أن أحزاب المعارضة تستحق تلك النبرة الاستعلائية الساخرة من قيادات الحزب الوطنى!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة